الإصلاح يحتاج إلى التكيف مع العالم النامي

الإصلاح يحتاج إلى التكيف مع العالم النامي

الإصلاح يحتاج إلى التكيف مع العالم النامي

 العرب اليوم -

الإصلاح يحتاج إلى التكيف مع العالم النامي

بقلم - آمال موسى

يمكن القول إن الانخراط في الإصلاح قد بات خاصية أغلب دولنا العربية والإسلامية على الأقل في قرابة الـ15 عاماً الأخيرة. وهو إصلاح سبقته محاولات تنموية خاضتها كل دولة حديثة الاستقلال؛ وفق إمكانياتها وخصوصيات مجتمعها، وأثمرت انخفاضاً في نسبة الأمية، وبعض خطوات متفاوتة بين الدول في الملفات الاجتماعية والتنموية بشكل أساسي، حيث إن المقاربة كانت اجتماعية أولاً وأخيراً.
ولكن مع هبوب رياح التحديث أكثر، وانفتاح العالم على بعضه البعض، ونجاح وسائل التواصل الاجتماعي في دعم فكرة العالم القرية... كل هذا وغيره أدى إلى صعوبة استمرار الأوضاع على ما كانت عليه من حكم شمولي؛ مما جعل من الإصلاح مطلباً مشتركاً في غالبية بلداننا.
والحديث عن الإصلاح يتميز بالجاذبية؛ إذ إنه نظريّاً على الأقل لا أحد يمكنه رفض الإصلاح.
في هذه المساحة نود التطرق إلى الإصلاح من زاوية أخرى، تتجاوز كونه مطلباً وطنياً داخل دولنا، وبدأت النخب الحاكمة تتفاعل معه؛ ذلك أن الخطاب حول الإصلاح من المهم جدّاً ألا يكون منغلقاً، وأن يكون متعدد الدعامات والمسوّغات بشكل يمكّنه من حصد الإجماع القوي والحقيقي. فاليوم لا تستطيع أي دولة ربط علاقات منفعة وتعاون من دون أن تكون منخرطة في الإصلاح، ويستجيب اقتصادها لشروط الاقتصاد الناجح والمتخلص من المعوقات.
إذا كانت الدولة خارج الرقمنة، أو أن رقمنة الإدارة فيها ضعيفة، وما زالت تنفق الملايين على الأوراق، فإن العالم المتقدم والدول التي أصبحت فيها الرقمنة نمط عمل وتواصل، لا يستطيع التعامل معها، ولا الانخراط معها في علاقة تعاون. فالمقصود أن الإصلاح ليس فقط إرادة أو رهاناً على نخب نزيهة، بل هو قرار يحتكم إلى وصفة لتحقيقه. أي أن أي دولة ومهما كانت غنية، فهي بحاجة إلى الدول الأخرى؛ لتقوم بالإصلاح، وهذه الحاجة تحتم عليها أن تكون لها ما يجمعها وما يوحدها مع الدول التي ستتعاون معها. هنا نتناول ما يمكن أن نسميه الوصفة الموحدة للإصلاح.
طبعاً المال هو قوام الإصلاح. وكلما كانت الدولة ومؤسساتها مستجيبة لشروط الإصلاح كان الحصول على القروض الدولية لتمويل المشاريع أكثر يُسراً؛ ذلك أن القرض لا يحقق أهدافه في حل المشاكل الاقتصادية إلا إذا وجد الأرضية الإدارية والتشريعية، والمناخ السياسي الذي يساعده في ذلك.
ما يمكن فهمه بوضوح هو أن الإصلاح وصفة كاملة سارت على منوالها الدول التي قررت الإصلاح. كما أن الإصلاح في أحد معانيه غير المعلنة هو كيفية الالتحاق بالركب من جهة، وكيفية ضمان التفاعل والتعاون من الدول والعالم الذي سيساعدك لتقوم بعملية الإصلاح. وإذا تم استيعاب هذه الفكرة الأساسية، فإن الإصلاح يصبح بدوره إعادة بناء، وليس مجرد رتوشات أو ترقيع.
ومن النقاط المحفزة للإصلاح على نحو هيكلي قلة المال. قد يبدو هذا القول غريباً ويتناقض مع قول سابق يحتم توفر المال والإمكانيات، ولكن لو نمعن النظر في المقصود من قلة المال ربما تتغير المقاربة. فالمال ييسر الأشياء ويجعل من عنصر المال هو الطاغي في المقاربة، في حين أن الإصلاح يحتاج إلى المال، وإلى أشياء أخرى تضاهي المال في الأهمية وأحياناً تتجاوزه. فالمهم توفر الإرادة، وأن يكون المنجز في مجال تحديث المجتمع متقدماً بشكل يسمح بالتقدم إلى الأمام أكثر، وفي نهج الطريق المؤدية للتنمية والثروة والعدالة الاجتماعية، فأن تكون الدولة قليلة الموارد المالية يعني أنها في حاجة للعالم أكثر، وهو أمر على صعوبته يُمثل حافزاً لتلبية شروط الإصلاح الصعبة اقتصادياً واجتماعياً وإدارياً، باعتبار أنه لا مناص من ذلك، وكما نعلم فإن الإصلاح هو أيضاً وليد الحاجة.
نقطة أخرى نعتقد أنها مهمة تتمثل في أن الإصلاح يحتاج إلى استعداد اجتماعي؛ لأن شروط الإصلاح يتكبدها المجتمع إلى حين؛ ذلك أن الإصلاح الذي يهدف إلى تحسين وضع المجتمع، وإنصاف الفقراء والمعوزين، والمساواة بين جميع المواطنين، إنما يكون في بداياته على حسابهم إلى حد ما. كما أن الإصلاح يشترط عدم التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو العرق أو المعتقد، وهي مسألة تحتاج إلى شجاعة ثقافية، وإلى انخراط في الاتفاقيات الدولية المقاومة للتمييز.
أيضاً العلم هو محرك الإصلاح الحق الذي لا يمكن أن يكون عميقاً وفي الاتجاه الصحيح، إلا إذا تحصن بالبحث العلمي، وكانت مخرجات التقارير والأبحاث والدراسات العالمية أساس وضع الاستراتيجيات. فالحديث اليوم عن العنف ضد المرأة مثلاً هو حديث اقتصادي محض، أثبتت الدراسات تكلفته الباهظة جداً التي يدفعها المجتمع؛ ذلك أن إصلاح أي مجال لا بد من أن يكون مدفوعاً بالعلم والبحث، وهو ما يحتم على الدول حتى الفقيرة أن تضع الميزانية اللائقة للبحث العلمي.
طبعاً التكيف مع العالم الذي وضع شروط الإصلاح وصاغ التصنيفات، لا يلغي ألبتة أن يتخذ الإصلاح روح مجتمعه، فالإصلاح روح أيضاً.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح يحتاج إلى التكيف مع العالم النامي الإصلاح يحتاج إلى التكيف مع العالم النامي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab