النساء والتنمية

النساء والتنمية

النساء والتنمية

 العرب اليوم -

النساء والتنمية

بقلم: د. آمال موسى

ليس خافياً أنَّ نسبة بطالة النساء في البلدان العربية أكبر بكثير من الرجال، وهو معطى مهمٌّ وجديرٌ بالتفحص والدراسة لأسباب عدة.
طبعاً ملاحظة أنَّ ظاهرة البطالة تشمل النساء والفتيات أكثر، إنَّما تفيد أنَّ سوق الشغل العربية أكثر ملاءمة للرجل، وأن الفكرة التي تكرّس أنَّ الرجل له أولوية العمل تتَّصل بثقافة ذكورية بالأساس ترى في عمل المرأة ترفاً.
من ناحية أخرى وبسبب الثقافة نفسها فإنَّ القطاع بشكل خاص يستوعب الرجال أكثر، وهناك تفاضلية للرجل تقوم بدورها على خصائص المرأة ووظائفها في الأسرة، حيث إنَّ القطاع الخاص يتعامل بمحسوبية قيمية وثقافية مع ما تتطلبه المرأة في صورة الزواج والإنجاب من عطلة أمومة وغيابات ما بعد الولادة وغير ذلك.
وكما نلاحظ، فإنَّ المهيمن هو تقسيم العمل على أساس الجنس، وهذا في حد ذاته دليل استمرار عقلية محافظة وتقليدية، وفي أفضل الحالات استمرار بقايا هذه العقلية. ومن جهة ثانية فإنَّ الخاسر الأكبر من هذه العقلية المسكوت عنها هو الاقتصاديات العربية ومسارات التنمية.
لا تفوتنا الإشارة إلى ظواهر أخرى ما زال يعاني منها سوق الشغل في البلدان العربية، مثل عدم المساواة في الأجور بين الجنسين، وهي قضية تناضل من أجلها الأصوات المدافعة عن المرأة والجمعيات والمنظمات التي تعنى بمسألة العمل، وظروفه، والبعد الحقوقي، والتشريعي.
السؤال: هل تظلُّ بصمةُ المرأة في الاقتصاديات العربية ضعيفةً أو متواضعة ونترك ذلك لعملية التغيير الثقافي والاجتماعي المعروفة بشدة البطء؟
هناك نقطة نريد أن نتوقَّفَ عندها قليلاً وهي أنَّ المرأة في الحقيقة موجودة في سوق العمل، ولكن المشكل يكمن بالأساس في الأشكال المهيمنة لوجودها. المرأة موجودة بقوة كيد عاملة حتى إنَّ الأرقام في غالبية الدول تؤكد أنَّ قرابة ثلاثة أرباع اليد العاملة في القطاع الفلاحي نسائية، وأنَّ الأمن الغذائي تبعاً لهذا المعطى تحققه إلى حد كبير النساء وهو أهم أبعاد الأمن.
ولعلَّه وبتناول القطاع الفلاحي مثلاً نتفطَّن إلى أنَّ الأعمال المتعبة والشاقة تخضع إلى تقسيم لصالح الرجل، بما يفيد بأنَّ المرأة تحضر كالعاملات، وتتكفل بالأعمال التي لا تنال الأجر اللائق.
إنَّ الحديث عن واقع سوق العمل من منظور جندري ينتهي بنا إلى الحل الأكثر نجاعة، الذي سلكته نساء واستطعن النجاح والتأسيس لعوالم وقصص نجاح في العمل وخلق الثروة.
بمعنى آخر فإنَّ الاستراتيجية العربية من المهم أن تركّز على ريادة الأعمال النسائية، لأنَّ الحل يكمن هناك، وهكذا تصبح المرأة فاعلة في الاقتصاد وليست فقط يدا عاملة.
ويتطلّب لبلوغ هذا الهدف سن تشريعات تشجع النساء على بعث المؤسسات الخاصة، وأهم الإجراءات ما يتعلق بعائق التمويل الذاتي والمرافقة الفنية وفترات الإمهال الطويلة التي تمكن باعثات المشاريع من تأسيس المشروع وتنميته، وأيضاً من المشاركة في تشغيل العاطلين عن العمل والخفض من نسبة البطالة.
ولكن كل هذا لن تستطيع القيام به النساء والفتيات دائماً بشكل عفوي، ومن المهم أن تكون هناك برامج لريادة الأعمال النسائية ذات ميزانيات وطنية وتنخرط فيها مؤسسات مالية تؤمن بالمسؤولية الاجتماعية. ففي تونس تم إطلاق برنامج «رائدات» باعتمادات وطنية، ويمثل أملا اقتصاديا للكثيرات. كما أنَّ جامعة الدول العربية أطلقت منصة «خديجة» لريادة الأعمال النسائية، ويمكن أن تكون ملهمة لبلدان عدة مع إخضاع البرامج لحاجيات كل دولة لأن المساهمة الحقيقية للمرأة تظهر، ويمكن قياسها في أكثر المجالات حاجة اقتصادية للبلاد.
لذلك فإنَّ تشجيع النساء لبعث مؤسسات صغرى ومتوسطة، من شأنه أن يغيّر واقع التنمية وواقع النساء والأسر ومؤشرات الفقر والبطالة وغيرهما. نركّز على هذه النقطة خاصة؛ لأنَّ الملاحظ في مجال الاستثمار هو ميل غالبية النساء للمشاريع متناهية الصغر التي لا تمكنها من أن تكون فاعلة في التنمية.
تحتاج مخططات التنمية في بلداننا إلى ذكاء النساء العربية وكفاءتهن في خلق الثروة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النساء والتنمية النساء والتنمية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab