التوحد التوعية ليست كافية وحدها

التوحد... التوعية ليست كافية وحدها

التوحد... التوعية ليست كافية وحدها

 العرب اليوم -

التوحد التوعية ليست كافية وحدها

بقلم:د. آمال موسى

عام 2008 أقرَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع يوماً دولياً خاصاً بما سمَّته التوعية بمرض طيف التوحد، وذلك لتسليط الضوء على الحاجة للمساعدة على تحسين نوعية حياة الذين يعانون من التوحد، حتى يتمكنوا من العيش حياة كاملة وذات مغزى كجزء لا يتجزأ من المجتمع.

واليوم بعد مضي نحو 15 عاماً نلحظ أن درجة الوعي باضطرابات طيف التوحد ما زالت ضعيفة واستراتيجيات الوقاية والتعهد من قبل الدول أقل من المأمول.
وفي مقابل ذلك، فإن الواقع يقدم حقائق صادمة، مفادها أن عدد المصابين باضطرابات طيف التوحد في تزايد، وآخر الإحصائيات والبيانات تقول إن طفلاً من بين كل 160 يعاني من طيف التوحد، وإن العدد الإجمالي للمصابين في كافة أنحاء العالم يبلغ 70 مليون شخص.
وكما نلحظ، فإن الأرقام ليست قليلة، ونسق تطور عدد المصابين سريع. غير أن ما نلاحظه أكثر هو أنه لا نقاش ولا حديث دائم ومتواصل عن هذا المرض الذي لا يزال غامضاً لكثيرين، ولا نستشعر وجود فضول لمعرفته إلا الذين لديهم أطفال أصيبوا به.
إذن درجة الانتباه وحالة الاستنفار أقل بكثير من حجم مرض اضطرابات طيف التوحد. من هنا نفهم لماذا ارتأت المجموعة الدولية تسمية اليوم العالمي بيوم التوعية بمرض طيف التوحد، فالكلمة المفتاح هنا هي التوعية، وذلك باعتبار أن الوعي بأعراضه وأسبابه واحتمالاته يساعد كثيراً على التقليص من عدد المصابين به. من ذلك التفطن إليه مبكراً والطفل لا يزال في سنته الأولى، وهو أمر مهم للغاية؛ حيث إن هذا التفطن المبكر يمكن من المعالجة والاشتغال بكثافة على آليات الإدماج أكثر فأكثر. أيضاً إنجاب طفل يعاني من طيف التوحد يرفع من احتمال إنجاب طفل آخر بنفس الوضع، وهو ما يعني ضرورة المرافقة الطبية.
إن عدم وجود نقاش معرفي علمي حقيقي وواسع ومستمر جعل من تشخيص اضطرابات طيف التوحد أمراً غير محسوم، من ناحية إذا كان إعاقة، ومن ثمة تنسحب على المصابين به حقوق ذوي الإعاقة، أم أنه كما يصر كثيرون على عدم اعتباره كذلك، وأن فئة الأشخاص ذوي اضطرابات طيف التوحد لهم قدرات استثنائية، وأن ذكاءهم لافت، وأن المشكل فينا ولا نعرف كيف نستفيد من قدراتهم. لذلك، فإن الكلمة السحرية في مسألة طيف التوحد هي الإدماج، خاصة أن هذا المرض يقوم على عدم التفاعل، أي أن الحل يكمن في النجاح في الإدماج، وبالذات عندما يكون ذلك مبكراً وبطريقة علمية، أي أنه إدماج محكم ويخضع لتصور ومعرفة حددها أطباء نفس الأطفال.
ما يمكن استنتاجه هو أن هناك كثيراً مما يجب القيام به من أجل التوعية بمرض طيف التوحد، وذلك من منطلق أن التوعية آلية من آليات الحد من نسق ارتفاع عدد المصابين.
من جهة أخرى، نلاحظ أن حال الوقاية أفضل من حال التعهد بأشخاص ذوي طيف التوحد. ورغم محدودية المجهودات، فإن تزايد الأعداد يمثل في حد ذاته نوعاً من التوعية التلقائية. كما يتفاوت التعهد بين بلد وآخر، بين بلدان تعترف به وتضع على ذمة أولياء المرضى مرافق أساسية وأنظمة تغطية صحية تمكن من دعم الأولياء، وبلدان لا تعترف به بالمرة، والأولياء وحدهم يواجهون المصاريف الباهظة، ووحدهم يعتنون بأطفالهم كيفما اتفق ودون تأطير.
لقد آن الأوان كي تعترف كل الدول بمرض طيف التوحد، وأن يُدرج ضمن ما يجب التنصيص عليه في دفتر علاج الطفل. بل إنه من المهم أن يتم التقصي المبكر، بداية من السنة الأولى لمرض طيف التوحد، وإذا ما تم تعميم هذا التقصي المبكر وإجباريته، فإن ذلك سيكون عامل سيطرة على اضطرابات طيف التوحد وانطلاق التعهد بشكل مبكر. فكما نسعى إلى تلقيح الرضيع من عمر الأسبوعين، وكما نحرص على التلاقيح المعروفة، فإن المصلحة تقتضي أن يضاف اليوم إلى كل التلاقيح الضرورية، التقصي المبكر لمرض طيف التوحد.
أيضاً هناك مشكل آخر، يتمثل في أن عدم اعتراف كثير من الدول بهذا المرض، وصمتها إزاءه، جعلنا غير دقيقين في تحديد عدد الأشخاص ذوي طيف التوحد، بالإضافة إلى التهرب من تحمل مصاريفه، ما أدَّى إلى عدم الاعتراف واللامبالاة... وكل هذا أوصلنا إلى أن التعهد يكاد يكون مفقوداً وغائباً تماماً في بلدان كثيرة.
كذلك من المهم توضيح الخيط الناظم بين التوعية والتعهد، فالدولة التي تراهن على الوقاية وتبذل الاستراتيجيات من أجل ذلك، لا تستطيع أن تكتفي فقط بالوقاية، بل هي مجبرة ضماناً لمصداقية الوقاية أن تتولى التعهد ولو جزئياً بمستلزمات اضطرابات طيف التوحد.
إن التوعية مهمة ومطلوبة وضرورية بمرض طيف التوحد، ولعل يوم 2 أبريل (نيسان) من كل عام، الذي يصادف بعد غد (الأحد)، ليمثل مناسبة جيدة للتوعية... ولكن قراءة الواقع جيداً تجعلنا نقرّ أن الوقاية وحدها دون تعهد متعدد الأبعاد لا تكفي.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوحد التوعية ليست كافية وحدها التوحد التوعية ليست كافية وحدها



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab