عولمة الأزمات ودور عقلاء العالم

عولمة الأزمات ودور عقلاء العالم

عولمة الأزمات ودور عقلاء العالم

 العرب اليوم -

عولمة الأزمات ودور عقلاء العالم

بقلم:د. آمال موسى

تعد ظاهرة العولمة من أكثر الظواهر التي أسالت الحبر وتراكمت حولها الأطروحات بين ناقد ومنتقد ومبشر بها ورافض لها. ولكن رغم كل الاختلافات في المقاربة فإن الزمن أثبت صحة الحديث عن ظاهرة العولمة ذاتها وأنه بالفعل هناك عولمة بدأت في التمظهر مع انتشار وسائل تكنولوجيا الاتصال الحديثة وصولاً إلى تعزيز خطاب ثقافة العولمة وقيمها.

إذن العولمة كواقع ليس من السهل التنكر له.
المشكلة الجديدة اليوم تكمن في أن العولمة باتت تشمل كل شيء؛ فكل شيء يخضع للعولمة ويخضع بشكل أكبر وفق شدة الحدث وارتباطه بحياة الناس. لذلك فإننا اليوم نتحدث بعولمة الأزمة. بمعنى أن نشوب حرب في بقعة ما من العالم فإن تداعيات تلك الحرب تمس كل بقاع العالم وأرجائه. بل إن الملاحظ أن فعل العولمة في ما هو سلبي وخطير وحيوي شديد السرعة والأثر.
ما نلاحظه أيضاً هو أن العولمة بوصفها حقيقة تزداد معاينة ورصداً وتأكيداً في ما يتصل بالأزمات. كما أن فكرة العالم قرية صغيرة تتأكد من ناحيتين اثنتين؛ الأولى في البعد الإعلامي للأحداث ومسألة انتشار الخبر، والثانية في تداعيات الأزمات باعتبار أن وسائل الاتصال والتواصل والتنقل تجعل من الأزمة معلومة. ولقد عرفنا هذا الأمر في أزمة «كوفيد - 19» ورأينا كيف انتشرت الجائحة وعمّت كل العالم في بضعة أيام، وهو أمر ما كان ليكون وكان سيستغرق السنوات لولا ما عرفته وسائل النقل والبلدان من انفتاح وحركة نقل متعددة الوسائل، حيث إن كتب التاريخ تناولت ما كان يستغرقه الوباء من زمن قبل أن يصل إلى بلد مجاور.
طبعا يجب ألا يفهم من هذا التحليل أننا بصدد تقديم هجاء لتطور وسائل النقل أو لوسائل تكنولوجيا الاتصال الحديثة بقدر أن الهدف ربط ظاهرة العولمة بعاملين اثنين؛ هما تطور وسائل النقل وظهور تكنولوجيا الاتصال، وكلا العاملين يندرجان ضمن معنى التواصل الذي يمثل السكة الحديدية التي تستعملها العولمة.
أيضاً على امتداد العام الماضي رأينا آثار العولمة في الحرب الروسية - الأوكرانية وكيف هددت هذه الحرب دولاً عدة بالإفلاس وكيف أدت ببلدان مثل فرنسا وبريطانيا إلى أزمات اقتصادية. فالواضح أن كل أزمة في الوقت الحالي من غير الممكن أن تنحصر في الإطار الذي انطلقت فيه، وذلك من منطلق أن التداعيات تشمل الجميع وتضع الجميع في مواقف اقتصادية صعبة.
إن تجربة الحرب الروسية - الأوكرانية وحجم الارتباك الذي أفرزته تداعياتها على دول عدة من العالم من الضروري أن تقود عقلاء العالم إلى التفكير في مسألة مهمة جداً وهي: كيف يمكن في زمن عولمة الأزمات العمل على تعزيز الصمود ضد التداعيات الكبرى والمهددة لقوت المجتمعات وحياتهم وإدارة شؤونهم؟
كيف يمكن التقليص من آثار تشابك مصالح العالم اليوم واختلاطها على نحو معقد؟
في لحظة ما يتم ترتيب الحاجيات وفق معادلة الحياة والموت، ومن ثم فإننا ننتهي إلى وضع أولويات جديدة والتكيف معها ومحاولة ضمانها في لحظات هجوم تداعيات الأزمات التي تنشب من دون إذن أو إعلام.
ويبدو لنا أن الحاجيات الأساسية للغذاء من المهم أن تدرج ضمن الأمن القومي لأي دولة. بمعنى آخر هناك مواد يجب ألا تكون رهينة السلام العالمي الذي من الصعب أن يتوفر وإذا توفر فإنه ليس دائماً. أي أن ما يتصل بأساس الغذاء الذي من دونه يجوع الناس فإنه لا بد له من حل وطني - وطني كي لا تظل حياة النّاس مهددة بتداعيات أزمة خارجة عن بلدها ولكن بحكم العولمة القسرية فإنها ضحية من ضحايا تداعياتها.
أيضاً لم يعد بالإمكان بالنسبة إلى الدول ذات الثروات المتواضعة من ناحية الطاقة ألا تجد حلولاً بديلة وألا تنخرط في الطاقات البديلة. فالرهان في اتجاه وسائل النقل العمومية بات حلاً مهماً للتخفيض من حجم استهلاك الطاقة والاستثمار في أسطول نقل عمومي حديث ومريح من شأنه أن يحقق نتائج إيجابية سواء من ناحية التقليص في نفقات الطاقة أو في جودة الحياة وتأمين بيئة أكثر صحة وأقل تلوثاً.
إن الكرة في مرمى عقلاء العالم كي يدبروا أمر شعوبهم والتفكير في سبل إنقاذهم من تداعيات الأزمات الدولية التي لا تعترف بالقوي ولا بالضعيف وتربك كل ما يمكن أن تعتمده ميزانيات الدول من فرضيات، وتهدد واقع النّاس في أبسط الأساسيّات.
الدرس الأكبر: مرحباً بالانفتاح والتبادل والتعاون، ولكن بعد ضمان الحد الأدنى من التعويل على الثروات الخاصة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عولمة الأزمات ودور عقلاء العالم عولمة الأزمات ودور عقلاء العالم



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات

GMT 19:57 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية

GMT 14:07 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

المجر تخسر مليار يورو من مساعدات الاتحاد الأوروبي

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab