هل هي ثورة ثانية في تونس

هل هي ثورة ثانية في تونس؟

هل هي ثورة ثانية في تونس؟

 العرب اليوم -

هل هي ثورة ثانية في تونس

بقلم : د. آمال موسى

عاش الشعب التونسي الأحد الماضي حدث ثاني انتخابات رئاسيّة بعد تاريخ 14 يناير (كانون الثاني) 2011 الذي يمثل تاريخ اندلاع الثورة التونسية. طبعاً كما هو معلوم فإن هذه الانتخابات سابقة لأوانها بسبب وفاة الرئيس الراحل السيد الباجي قائد السبسي، الأمر الذي حتّم دستورياً تقديم الانتخابات الرئاسية على التشريعية.

ما باحت به صناديق الاقتراع وصفه كثيرون بالزلزال السياسي والضربة الموجعة للنخبة السياسية الحاكمة والوجوه التي مثلتها في الانتخابات الرئاسيّة.

ويبدو لنا أن هذا التوصيف غير مبالغ فيه، ويمكن المضي قدماً فيه والقول إن فوز كل من السيدين قيس سعيد ونبيل القروي ومرورهما إلى الدور الثاني للانتخابات يعد ثورة ثانية، قام بها الناخبون التونسيون، ولكن هذه المرة من خلال الديمقراطية وصناديق الاقتراع. فكيف ذلك؟

أول شيء ميز هذه الانتخابات هو ضعف المشاركة الشعبية؛ حيث إن عدد الناخبين كان أقل من نصف عدد المسجلين، وهو يمثل تراجعاً بنسبة 20 في المائة، مقارنة بالانتخابات السابقة في عام 2014. لذلك فنحن أمام حالة عزوف شعبي عن المشاركة في الانتخابات، يعكس بدوره ضعف الثقة بالمترشحين للرئاسة وتراكم الخيبات من الوعود الانتخابية التي لم يتم الإيفاء بها.
وما يؤكد ما ذهبنا إليه هو أنه من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد، ووزير الدفاع السيد عبد الكريم الزبيدي، وأيضاً السيد عبد الفتاح مورو نائب رئيس البرلمان، ولكن الناخبين أعطوا أصواتهم بنسبة أعلى نسبياً للمرشح المستقل السيد قيس سعيد والسيد نبيل قروي.

وعندما نلتقط أهم ما يميز كلا الفائزين بالمرتبتين الأولى والثانية سنجد أن الأول السيد قيس سعيد رجل قانون وأستاذ جامعي، كان مسانداً منذ الثورة للحراك الثوري، ومعروف بالانضباط، ولقد قام بحملته الانتخابية بشكل ميداني، وانطلاقاً من شقة صغيرة، وتقول البيانات الصادرة إن الذين انتخبوه هم الشباب ونسبة مهمة من الطلبة.

أما الفائز بالمرتبة الثانية السيد نبيل قروي فهو صاحب قناة تلفزيونية تحظى بنسبة مشاهدة عالية وله برنامج خيري جاب به أرياف تونس ومناطقها النائية، وقدم مساعدات للفقراء والمحتاجين وساعدهم في معالجة بعض مشكلاتهم. وهو الآن موقوف بتهمة التهرب الضريبي...

هناك تفاصيل سنقفز عليها، لأنها لا تهمنا في موضوعنا الحالي. وما يعنينا بالأساس هو أن الناخبين أسقطوا الوجوه الممثلة للنظام السياسي الحاكم، ومالوا إلى وجهة الخطاب الثوري وأستاذ القانون السيد قيس سعيد، وأيضاً السيد نبيل القروي الذي تميز ناخبوه حسب البيانات بتدني المستوى التعليمي وبكبر السن. وهي كما نرى رسالة واضحة وقوية، تعبر عن فشل النخبة الحاكمة في إشباع توقعات الشعب التونسي، وخاصة فقدان الثقة بالوجوه التي مثلت النظام الحاكم حالياً. وهي أيضاً رسالة لم توجه إلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع فقط، بل إلى ممثل حركة النهضة السيد عبد الفتاح مورو، الذي لم يتجاوز ما حصل عليه من أصوات الـ13 في المائة، والحال أن وراءه حزباً معروفاً بخزانه الانتخابي وبالانضباط وبالتضامن الآيديولوجي. وهكذا يتضح لنا رفض العازفين عن المشاركة السياسية، والذين لم ينتخبوا، وأيضاً الناخبين، لحركة «نداء تونس» ولحركة «النهضة» حتى إن كان هذا الرفض يحتاج إلى تنسيب وتفكيك وتمييز بين أسبابه.

باختصار، فإن المنظومة الحاكمة تمت معاقبتها من خلال صناديق الاقتراع، ففشلت الدعاية والماكينات الإعلامية والسياسية في تسويق وجوه هذه المنظومة، ونجح من راهن على المهمشين والذين خيّبت توقعاتهم النخبة الفائزة في انتخابات 2014.

لذلك، فالذي حصل هو زلزال للمنظومة المتقاسمة للحكم، وهو أيضاً ثورة عندما نجد أن الفائز بالمرتبة الأولى وبأكثر الأصوات هو شخص يريد تصحيح مسار الثورة، وخاض غمار الانتخابات من خارج الأحزاب، وبشكل مستقل وإمكانات لا تكاد تذكر.

ولكن وضع تونس اليوم هو بين زلزال سياسي ومأزق حقيقي؛ فالسيد قيس سعيد يواجه حملة شرسة من مساندي المنظومة الحاكمة، التي فشلت في الانتخابات وتتهمه بالقرب من حركة «النهضة» وبأنه صاحب خطاب طوباوي، ويفتقد إلى الخبرة في السياسة. أما السيد نبيل القروي فإن الرافضين لقيس سعيد يرون أنه الخيار السيئ الذي لا بد منه، وأن التعامل مع رئيس بملفات فساد أفضل من رئيس عليه شبهات الإسلام السياسي، ويعلن صراحة رفضه مبادرة المساواة في الميراث ورفضه النظام البرلماني، وتمسكه الطوباوي بسيادة تونس، وضد التدخلات في شؤونها.

إن تونس بين رجل ثوري وصفه البعض بقذافي تونس، وآخر يُتهم بالفساد والتهرب الضريبي وتوظيف قناته لشراء الأصوات من خلال المساعدات وموائد الإفطار في شهر رمضان الكريم.

أيضاً هناك مأزق آخر، وهو أنه في صورة استمرار السيد نبيل القروي في السجن وعدم خوضه الانتخابات فإن الانتخابات تصبح غير شرعية، ما يزيد في تعقيد مصداقية نتائج الانتخابات الرئاسية، وكيفية تعامل العالم مع هذه النتائج.

ما يحصل اليوم في تونس ديمقراطية حقيقية وشفافة، ولكن ما جعل نتائجها إشكالية ومفتوحة على أزمات هو فشل المنظومة الحاكمة في تعزيز ثقة الشعب وإشباع توقعاته الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
نحن في الفصل الأول من الثورة، وفي مقدمات الزلزال، وواضح أن تونس تنتظرها 5 سنوات لا أحد يستطيع التكهن بها.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هي ثورة ثانية في تونس هل هي ثورة ثانية في تونس



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab