وزيرة السعادة

وزيرة السعادة

وزيرة السعادة

 العرب اليوم -

وزيرة السعادة

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

إنها أُنس جابر بطلة كرة التنس التونسية. هكذا سماها التونسيون الذين لم يجتمعوا على محبة والإعجاب بشخص كما اجتمعوا في حالة امتنانهم الكبير للأسطورة التونسية أُنس جابر. طبعاً حالة الفخر والإعجاب ليست حكراً على التونسيين، بل إن عدوى الإعجاب انتقلت للشعوب العربية وإلى فئات عريضة من العالم بشكل يسمح بالقول إن أُنس جابر هي اليوم بطلة تونسية عربية أفريقية عالمية.
السؤال: كيف تمكنت هذه البطلة من حصد كل هذا الإعجاب غير المشروط؟ وكيف يمكن أن نقرأ عشق التونسيين لأُنس جابر؟ وماذا تستبطن قصة العشق الفريدة هذه؟
في البداية من المهم الإشارة إلى أن أُنس جابر لبّت حاجة إلى الفرح والشعور بالسعادة. وموضوع تلبية هذه الحاجة ارتبط بالنجاح وافتكاك الأضواء عالمياً. بمعنى آخر فإن أُنس جابر نجحت في افتكاك الإعجاب لأنها مثّلت قيمة النجاح في لحظة نلحظ فيها أن العالم العربي والإسلامي عموماً يبحث عن نفسه وعن مكانته في العالم. وأُنس جابر قدمت هدية ثمينة لتونس وللمغاربة والعرب حين أظهرت أننا أمة حية وتمتلك من المواهب ومن المثابرين ومن أصحاب الإرادة الكثير.
هكذا هو قانون اللعبة في العالم: كي يلتفت العالم إليك وإلى بلدك وإلى الأمة التي تنتمي إليها يجب أن تصل إلى مصاف الأوائل في العالم تماماً كما يحصل في الأدب والعلوم في جائزة نوبل. فالضوء درجات؛ إذ هناك المحلي والإقليمي ثم العالمي. وفي الحالة العربية فإن من يبلغ العالمية إنما يسلط الضوء في لحظة النجاح والفوز على العالم الذي ينتمي إليه بوصفه نتاجاً له ودليلاً على حيويته وتوفر ميكانزمات الاستثمار في رأس المال البشري.
إذن هي أسعدت التونسيين فلقبوها بوزيرة السعادة. وهنا نلحظ أن السعادة ارتبطت بالنجاح والتألق وبتقدير جهد المثابرة ورفع التحدي والإرادة والطموح. وهي ملاحظة تثلج الصدور وتثبت أنه رغم كل شيء فإن المخيال الإيجابي للنجاح ما زال قائم الذات ويحظى بالإجماع.
ومن المهم في هذا السياق الانتباه إلى أن تراجع قيمة العمل والميل إلى الكسب السريع وبأقل جهد ممكن لم يمنعا من أن هناك تمثلات إيجابية لمن يعمل ويثابر ويمتلك طموحاً. لذلك فإن مقاومة الكسل والتقاعس وضعف الإقبال على القراءة وانخفاض العدد الفعلي للعمل... كلها مظاهر وظواهر قابلة للتغيير والمعالجة من منطلق أن الانتباه لم يفقد جاذبيته إزاء المجتهدين والذين يثبتون أن العمل والإرادة يصنعان الأساطير ويحصدان إعجاب العالم.
من ناحية أخرى نلحظ حالة التعطش إلى الفرح على صعيد دولي، وهي حالة مفهومة جداً عندما نضعها في السياق العربي العام، حيث إنه من حرب الخليج الأولى وحال غالبية البلدان العربية والإسلامية عرف تغييرات وتوترات الأحداث وتغير العالم وتحالفاته، وسقطت أنظمة وصعد غيرها وبلدان في حرب أهلية وأخرى خسرت الكثير بسبب الأزمات والحروب... هذه الشعوب التي تكابد التغييرات السريعة وصعوبات التأقلم مع الواقع الإقليمي والدولي الجديد وتداعيات ذلك الاقتصادية من دون أن ننسى آثار «كوفيد - 19» التي خسرت فيها شعوبنا أيضاً الآلاف من الأرواح... كل هذا يجعل من السعادة مطلباً حتى ولو كانت لحظة وتمر تجسدها لحظة فوز في حدث عالمي.
نقطة أخرى مهمة وهي أن تونس المعروفة باهتمامها التاريخي المخصوص بمسألة المرأة وكون البطلة التي تمكنت من الوصول إلى ترتيب متقدم جداً عالمياً هي امرأة، فهذا يعزز الميل التونسي المخصوص إلى تأنيث القيم الإيجابية والافتخار بذلك، وهو ما يحصل عند الإعلان عن النتائج والمناظرات، وفي السنوات الأخيرة تركز التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي في تونس على ظاهرة هيمنة الطالبات والتلميذات على النتائج العالية. باختصار في تونس احتفاء خاص بالقيم الإيجابية التي تجسدها النساء والفتيات.
وفي الحقيقة تتأكد أهمية هذه الملاحظة عندما نضعها في سياق حضاري عام بين الأنا العربية والآخر الأوروبي والغربي، حيث إن نجاح امرأة تونسية عربية هو أمر لافت جداً. وتتضاعف الأهمية في مجالات على غرار الرياضة، إذ إن ما حققته البطلة أُنس جابر هو بالنسبة إلى الآخر مقياس حضاري يعكس مكانة المرأة وانفتاح الأسرة ومقاربة المساواة وتكافؤ الفرص، أي إنها كانت ناقلة للبيئة كاملة.
ماذا يمكن يكون درس وزيرة السعادة أُنس جابر؟
يبدو لي أن أكبر رسالة هي الرهان على الشباب والنساء وفهم أن الدعاية التي يمكن أن تقدمها امرأة ناجحة ورجل ناجح عن بلده والفضاء الثقافي الذي ينتمي إليه دعاية قد تفوق كل ميزانية الدولة، علاوة على كونها نوعاً آخر من الدعاية: دعاية صادقة وعفوية ولا تقدَّر بثمن.
علينا تعبيد الطريق للشابات والشباب ليحلقوا عالياً وترفرف أعلام بلداننا التي دائماً ينبثق منها مَن يصنع السعادة ويرسل للعالم رسالة مختلفة غير التي يقدمها أعداء الحياة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وزيرة السعادة وزيرة السعادة



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab