التشبيك وذكاء الجمع والمفرد

التشبيك وذكاء الجمع والمفرد

التشبيك وذكاء الجمع والمفرد

 العرب اليوم -

التشبيك وذكاء الجمع والمفرد

بقلم - آمال موسى

يستثمر اليوم العالم المتقدم، والآخر السائر في طريق النمو والتنمية، بعزيمة وإرادة في آلية التشبيك، التي أصبحت طريقة في العمل أساسيّة ومقاربة، تقوم على الجدوى واختصار الجهد والإمكانات والوقت. السؤال؛ أين نحن المجتمعات العربيّة من ثقافة التشبيك ومقاربته للمشكلات وللأولويات؟ إذا أردنا محاولة فهم أحد معاني التشبيك، فسنجد أن من بين مدلولاته الرّهان على الجمع أكثر من المفرد. المدهش أن هذا المعنى يعني لأول وهلة أن التشبيك سيكون آلية رائجة ومرحباً بها في ثقافتنا العربية، باعتبار أن النسق الثّقافي العربي يُولي أهمية للجماعات والمؤسسات. ومن ثم فإن المتوقع هو التبني الكامل لآلية التشبيك. ولكن هنا لا بد من التمييز بين الإذعان للجماعة وللمؤسسات وبين العمل في إطار جماعي ومع أطراف أخرى. فالفرق كبير ومهم جداً. نحن لا نجيد العمل في إطار جماعة، وهو أمر متوقع، لأن العمل في إطار جماعي يتطلب مصالحة حقيقية مع الذات ومع الآخر، في حين أن العلاقة بين الذات والآخر محكومة بالخوف والريبة، إضافة إلى النرجسية التي تجعل الذات تعتقد في اكتمالها وعدم حاجتها للتعاون مع الآخر لتحقيق نتائج أفضل وفي أقرب وقت ممكن. نحن اليوم في بلداننا العربية بحاجة ملحة وأكيدة إلى آلية التشبيك. كما أن هناك موضوعات كثيرة لا يمكن معالجتها خارج التشبيك. لنأخذ مثالاً موضوع الطفولة؛ فهو في نفس الوقت يهم وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الصحة ووزارة التعليم ووزارة البيئة ووزارة الثقافة، وإذا ظلت كل وزارة تقارب مسألة الطفولة بطريقتها الخاصة وحدها من دون تشبيك وربط للجهود وتفاعلية مستمرة مندمجة، فلن تتم معالجة أي مشكلة من مشكلات فئة الطفولة في بلداننا. ونفس المثال ينطبق على الشباب مثلاً؛ حيث التشبيك ضروري لتحقيق الحد الأدنى من النتائج. إن التشبيك آلية ممتازة جداً لتعويض العقود التي ضاعت من عدم التشبيك من جهة، وإهمال أمّات المشكلات من جهة ثانية. ثم إن المقاربة السليمة تقتضي أن تكون شاملة وملمة بالأبعاد كافة، من ناحية أن معالجة المشكل في بعد واحد من أبعاده لا يؤمّن عملية المعالجة التي تظل ناقصة وجزئية، علاوة على أن أبعاد الظاهرة أو المشكل يؤثر بعضها في بعض، وتتفاعل أيضاً، أي أن هناك نوعاً من التساند الوظيفي بين مختلف الهياكل التي تكون مهتمة بمسألة معينة، مع العلم أن التشبيك لا يشمل الهياكل الرسمية التابعة لأجهزة الدولة فقط، بل إنه بين مؤسسات الدولة والجمعيات والمنظمات، أي أن التشبيك، وهنا في الحقيقة تكمن قيمته وجاذبيته، هو آلية تستمد قوتها من الذكاء الجماعي. ولعله في هذا السياق من المهم تدقيق معنى معين، وهو أن الذكاء الجماعي هو خلاصة ذكاء الأفراد والثقافة كي تستوعب فلسفة التشبيك، فهي بالأساس يجب أن تكون مؤمنة بالفرد وقدراته. ويُوصف التشبيك بكونه فلسفة، فذاك يعود إلى كونه طريقة في التفكير ونظرة في مقاربة الظواهر والمشكلات والأسئلة. ما نلاحظه في غالبية بلداننا هو ضعف اعتماد مقاربة التشبيك؛ حيث كل هيكل أو طرف يعمل بمفرده، وكأنه وحده المعنيّ بذاك الموضوع دون سواه. ومثل هذا التماشي يعني التضحية بخبرات أطراف وهياكل أخرى قادرة على إحداث فارق في الفهم وتحديد الأسباب وإيجاد الحلول. بل إن العمل في عزلة وبتصور انفرادي يقودنا أحياناً إلى عدم استثمار بيانات مهمة هي موجودة وقريبة منا جداً ويذهب في بالنا أنها غير متوفرة. ونعتقد أنه لم يعد بالإمكان مواصلة العمل على هذا النحو إذا كنا فعلاً نريد تنمية حقيقية تستثمر الجهود وتختصر الوقت وتوظف الذكاء الجماعي بشكل جيد وناجح. ونفترض أن الرقمنة وتكنولوجيات الاتصال الحديثة من بين أهم مزاياها تشبيك البيانات والدراسات والمعلومات، وهذا معطى مهم جداً يساعدنا في تفادي التكرار ونسخ الجهود نفسها. من جهة ثانية، فإن التشبيك ينتج علاقات تقوم على الاندماج وتجعل من العمل الذي يبذل في شتى المجالات ذات الحيوية محل متابعة وانتباه ومن ثم إحاطة جيدة وتنمية لقدرات كل المعنيين بمسألة ما في المعالجة. فلا شيء يبرر أن تعمل المؤسسات والأطراف المعنية بمسألة المرأة أو الطفولة مثلاً بشكل انفرادي، من دون أن يكون هناك تشبيك ينمي الذكاء والقدرة والكفاءة. طبعاً هناك نقطة من المهم الإشارة إليها وهي أن التشبيك مع الخارج هو أفضل حال من التشبيك بين جميع الأطراف المنتمية لبلد واحد. غير أن في هذا البعد يتخذ التشبيك معنى الانفتاح والاستفادة من التجارب الأخرى، في حين أن التشبيك هو تضافر جهود يجمع بينها مركز اهتمام واحد، والغاية من التشبيك الاستفادة من ذكاء الجميع وإنتاج فهم شامل وجامع ومتعدد ا

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التشبيك وذكاء الجمع والمفرد التشبيك وذكاء الجمع والمفرد



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab