لماذا أُقصيت تونس عن مؤتمر برلين

لماذا أُقصيت تونس عن مؤتمر برلين؟

لماذا أُقصيت تونس عن مؤتمر برلين؟

 العرب اليوم -

لماذا أُقصيت تونس عن مؤتمر برلين

د. آمال موسى
بقلم - د. آمال موسى

يستأثر موضوع عدم دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تونس، للمشاركة في مؤتمر برلين حول ليبيا، باهتمام العديد من التونسيين، وذلك لما خلَّفه من نقاط استفهام وتعجب وأيضاً ما يعنيه ذلك من إحراج لتونس ووزنها خارجياً، خصوصاً في مسألة تعد فيها تونس من أكثر المعنيين والمتضررين، أي أنَّ الشأن الليبي قضية حيوية بالنسبة إلى تونس.
وتضاعفت الاستفهامات مع تراكم الغموض والصمت، حيث إن الجانب الألماني لم يعلق ولم يوضح والجانب التونسي اعتمد الصمت طويلاً وقبل يومين عبر سفير تونس بألمانيا في مقابلة له مع وكالة «دويتشه فيله» عن استغراب بلاده ووصف الموقف الألماني بالإقصاء.
ومما يزيد في غموض الموقف الألماني هو أن تونس في الأيام الأخيرة أظهرت حرصاً على المشاركة، وعبَّرت عن كونها معنية بالحضور في مؤتمر برلين حول ليبيا.
وفي الحقيقة فإنَّ تغييب تونس عن هذا المؤتمر يطرح فعلاً تساؤلات عدة، ويظل غير مفهوم إذا اعتبرنا الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد وعمق الترابط بين البلدين، بشكل يجعل كل شيء جيداً أو سيئاً يؤثر على البلدين معاً. كما أنَّ الدول المدعوة في مؤتمر برلين ليست معنية أكثر من تونس، وهو ما يعمق الحيرة في فهم الموقف الألماني.
لو نحاول الفهم استناداً إلى بعض المعطيات وجمعها بعضها مع بعض للوصول إلى بعض الاستنتاجات المنطقية ربما نخفف قليلاً من حدة الغموض الحاصل حالياً: لقد أجرت المستشارة الألمانية ميركل مكالمة هاتفية مع الرئيس التونسي قيس سعيد منذ عشرة أيام تقريباً، وواضح أنَّ هذه المكالمة كانت محددة في أخذ قرار عدم دعوة تونس لمؤتمر برلين. كما أنَّ هذا القرار بطبيعة الحال له علاقة عضوية بموقف تونس من الصراع داخل ليبيا. ولعلَّ ما يساعدنا على فهم هذه المسألة هو إجراء مقارنة بين موقف الجزائر التي تمَّت دعوتها للمشاركة في المؤتمر وموقف تونس التي تم إقصاؤها عن المشاركة.
وعندما نصف الموقفين سنجد أنَّ موقف الجزائر كان واضحاً في وقوفه مع طرف من أطراف الصراع وهو حكومة الوفاق الليبية بقيادة فائز السراج. أي أنَّ الجزائر لم تخرج عن الشرعية الدولية من جهة، واختارت الطرف الذي تسانده من جهة ثانية. أمَّا الموقف التونسي فقد تحدث هو أيضاً عن الشرعية الدولية، ولكنَّه في نفس الوقت لم يكن واضحاً مثل الجزائر وتمسك بالحياد، ودعا إلى حل ليبي ليبي. وكما نلاحظ فإنَّ التعمق في هذه الدعوة يعني رفضاً لأي تدخل أجنبي في المشكلة الليبية، والحال أنَّ مؤتمر برلين نفسه يعدُّ تدخلاً، ناهيك بأنَّ الدول المشاركة في مؤتمر برلين على اختلافها وصراعاتها هي غير محايدة، ومن ثم فمؤتمر برلين ليس للمواقف المحايدة.
وفي الحقيقة هناك تناقض بين الحياد وبين أن تكون معنياً بشأن ما. فالمصالح تحتّم عدم الحياد ولو كان الحياد في الشأن الليبي مصدر ذكاء دبلوماسي لسبقتنا مصر والجزائر وغيرهما في ممارسته.
لذلك يمكن الاستنتاج أنَّ إفراط تونس في الحياد أضاع عليها فرصة المشاركة والدفاع عن مصالحها التي فعلاً مرتبطة إلى حد كبير بما يمكن أن يحصل في ليبيا، وبما سيحصل في صورة تطور الأزمة إلى حرب تحركها دول.
من جهة ثانية، وإذا استندنا إلى بعض التسريبات التي تقول إن تركيا ضغطت من أجل مشاركة الجزائر في المؤتمر، وربط هذه الضغوط بموقف الجزائر الداعم لحكومة فائز السراج يجعلنا ربما نفهم أن تركيا لم تمارس أي ضغط لحضور تونس، وربما أنها مارست ضغوطاً في اتجاه معاكس: أي عدم دعوة تونس للمشاركة.
وفي هذا السياق نعتقد أن موجة العداء تجاه تركيا منذ زيارة إردوغان المفاجئة لتونس وما خلّفته من انتقادات قد تدخّلت بشكل ما في فرض قرار إقصاء تونس.
وإذا واصلنا التحليل في نفس التوجه ربما يكون انقسام تونس بين موقفين، واتخاذ الحياد بناءً على هذا التشرذم قد يكون وراء إقصاء تونس عن المشاركة، لأنَّه لا موقف واضحاً يمثلها وستدافع عنه من خلال المشاركة.
وفي هذا السياق نعتقد أن موجة العداء تجاه تركيا منذ زيارة إردوغان المفاجئة لتونس وما خلّفته من انتقادات قد تدخّلت بشكل ما في فرض قرار إقصاء تونس.
وإذا واصلنا التحليل في نفس التوجه ربما يكون انقسام تونس بين موقفين، واتخاذ الحياد بناءً على هذا التشرذم قد يكون وراء إقصاء تونس عن المشاركة، لأنَّه لا موقف واضحاً يمثلها وستدافع عنه من خلال المشاركة.
أيضاً الانقسامات في المواقف واختيار الرئاسة الحياد، إضافةً إلى إقالة وزير الخارجية التونسي وتبرير ذلك بموقفه غير المعادي للتطبيع، وتواصل حكومة تصريف الأعمال بعد تعثر مسار تشكيل الحكومة... كل هذا جعل تونس مثقلة بمشكلات الداخل، وليست من الوضوح في الرؤية والمسار والمواقف بما يجعلها تشارك وتدافع عن موقف واضح لا غامض أو محايد.
ونعتقد أنه لو لم تتم إقالة وزير الخارجية التونسي، ولو لم ينخرط بعض التونسيين في موجة عداء موضوعية في بعض الجوانب وانفعالية مبالغة في جوانب أخرى، ربما لكانت تونس من المشاركين بعد غدٍ (الأحد) في مؤتمر برلين حول ليبيا.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا أُقصيت تونس عن مؤتمر برلين لماذا أُقصيت تونس عن مؤتمر برلين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab