2019 عام صاخب سياسياً في تونس

2019... عام صاخب سياسياً في تونس

2019... عام صاخب سياسياً في تونس

 العرب اليوم -

2019 عام صاخب سياسياً في تونس

د. آمال موسى
بقلم - د. آمال موسى

صحيح أن تونس منذ تاريخ ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011 وهي تعيش حراكاً سياسياً، ولا حديث للنخب والشعب إلا عن السياسة، لكن نعتقد أن إيقاع الأحداث السياسية والتوترات كان أكثر من أي سنة أخرى من سنوات ما بعد الثورة.
ففي النصف الأول من هذه السنة التي تستعد للرحيل، لتبدأ سنة جديدة، ازدادت الانشقاقات في حزب «نداء تونس» وبدأت أيضاً العلاقات تعرف بعض التوتر بين قيادات حركة «النهضة» التونسية وحركة «نداء تونس». ولما كانت هذه السنة هي سنة الانتخابات الرئاسية والتشريعية الثانية بعد انتخابات 2014، فإن المراقبين مالوا إلى تأويل الخلافات بأنها نوع من فك التوافق بين الحزبين وبداية كل حركة في القيام بحملتها المبكرة نسبياً، خصوصاً أن التوافق بين الحركتين كان مرفوضاً بين النخب ورأوا فيه انقلاباً على الوعود الانتخابية التي قدمتها كل حركة قبل انتخابات 2014.
لكن الحدث الكبير الذي زاد في ارتفاع وتيرة الحراك السياسي هو رحيل الرئيس الباجي قائد السبسي، وهو رجل عرف بالحنكة السياسية، وكان يمثل بخبرته وبانتمائه للمدرسة البورقيبية السياسية مصدر أمان، رغم كل الانتقادات التي وجهت ضد تحالفه مع حركة «النهضة» وخلافات ابنه حافظ قائد السبسي مع رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد، وغير ذلك من المؤاخذات.
وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي أجبر التونسيين على تقديم الانتخابات الرئاسية على التشريعية، كما ينص الدستور التونسي على ذلك. وواضح أن هذه النقطة قد تحكمت في سير نتائج الانتخابات ككل، ذلك أن الاهتمام الشعبي بالانتخابات الرئاسية فاق الاهتمام بالتشريعية رغم أن النظام السياسي التونسي الحالي برلماني.
والمفاجأة السياسية الكبيرة هي فوز الرئيس قيس سعيد المستقل في الانتخابات الرئاسيّة بنسبة بلغت 73 في المائة، الشيء الذي جعل المراقبين للحقل السياسي التونسي يتحدثون عن تغيير عميق في «السيستام» التونسي، وأن نتائج الانتخابات لهذا العام كانت بمثابة العقاب السياسي الذي مارسه الناخبون ضد الأطراف التي حكمت منذ تاريخ الثورة إلى اليوم. كما أن نتائج الانتخابات هناك من وصفها ثورة ثانية ضد المنظومة السياسية أو هي نوع من تصحيح المسار الثوري.
تتمثل الورطة الأخرى في أن البرلمان هيمن عليه التشتت، حتى حركة «النهضة» صاحبة الكتلة الأولى في البرلمان لا تستطيع أن تحكم وحدها، وأن تضمن المصادقة على القوانين اعتماداً على كتلتها فقط لأنها لا تمثل الأغلبية النسبية التي كانت تمثلها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي لعام 2011 ولا أيضاً نفس حجم الكتلة النيابية لانتخابات 2014.
ففي هذا السياق، نفهم مخاض تشكيل الحكومة التونسية وصولاً إلى خيار تكوين حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن الأحزاب. ولقد أظهر هذا المخاض وجود صعوبات في التواصل بين الأحزاب السياسية الأكثر تمثيلاً في البرلمان وافتقار العلاقات بين قيادات هذه الأحزاب إلى الحد الأدنى للثقة السياسية المتبادلة. بل إن هناك رفضاً للعمل سويّاً، وهو رفض لنتائج الصندوق الانتخابي في حقيقة الأمر، لذلك كان اللجوء اضطرارياً إلى تشكيل ما سمي حكومة كفاءات وطنية.
يمكن القول إن الوضع السياسي متصدع وهش. وهنا نتساءل عن غياب معطى الهشاشة الاقتصادية في تونس عن مواقف الأحزاب، وتفضيل المعارضة بدل المشاركة في الحكم ومحاولة إيجاد حلول لأزمة تونس الاقتصادية والمادية، خصوصاً أن هشاشة المواقف السياسية من بين الأسباب القوية التي جعلت صندوق النقد الدولي يقرر تعليق صرف مبلغ 1.2 مليار دولار لتونس ضمن الدفعتين السادسة والسابعة من القرض، بسبب ما اعتبره عدم قيام الدولة التونسية بالإصلاحات المطلوبة.
السؤال الآن؛ هل يتحمل الوضع الاقتصادي الراهن في تونس مزيداً من الاستثمار في الخلافات الآيديولوجية بين الساسة والأحزاب، أم أن المخاضات التي حصلت وتنبئ بغيرها ستدفع بالطبقة السياسية إلى التكاتف من أجل تجاوز الأزمتين السياسية والاقتصادية؟
إن التوتر السياسي القائم على الآيديولوجي في تونس قد أظهر أن تداعياته اقتصادية في المقام الأول. أيضاً بالنظر إلى تطور الأحداث في ليبيا وما أوحت به زيارة الرئيس التركي إردوغان الفجائية لتونس فإن تواصل التوتر بين السياسيين يعني أنه لن تكون هناك طاولة تجمع الأحزاب ليتحملوا مسؤوليتهم في أخذ القرارات الكبرى بشكل موحد. فالملف الليبي في عمق المصالح الاستراتيجية التونسية هو ملف اقتصادي وجغرا - سياسي وأمني أيضاً.
وبناء على أحداث شهر ديسمبر (كانون الأول) الساخن جداً تونسياً، فإن العام المقبل ينذر بحراك أقوى، لأن المشكلات الاقتصادية بصدد التراكم، والملف الليبي اتخذ مسلك التعقيد والحرب. وكل هذه المؤشرات المخيفة لا مجال لتجاوز تداعياتها الخطيرة جداً إلا بالعودة إلى علاقات التوافقات السياسية. ونتائج الانتخابات نفسها تفرض التوافق، لأن كل الأحزاب لا تستطيع أن تمارس الحكم بمفردها، ما يحتم الحاجة لوضع اليد في اليد رغم الخلافات.
 

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2019 عام صاخب سياسياً في تونس 2019 عام صاخب سياسياً في تونس



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab