لا نملك من نحب

لا نملك من نحب

لا نملك من نحب

 العرب اليوم -

لا نملك من نحب

جميل مطر
بقلم:جميل مطر

قال: «أكره الذهب» فقالت: «أخشى أن يأتى يوم تكرهنى فيه» قال: «.. وما دخل علاقتنا، أنت وأنا، بالذهب؟» قالت: «الحب كالذهب يحب أن يمتلكه الناس ويكتنزوه ويحمونه ويدافعون عنه، وأنا وحبى معى صرنا كالذهب ملكا لك» قال: «بل ظننت أنه يمكننى أن أحبك وأستمر أحبك ولا أملكك؟» قالت: «ولكنك ملك لى» قال: «فليكن. هذا أمر يخصك. أما أنا فسوف أجد صعوبة شديدة فى تقبل أن أكون مملوكا لشىء أو لأحد» قالت: «هذا أمر يخصنا معا. وأكرر أننى من جهتى لن أسمح أن تكون ملكا لآخر، سواء كان هذا الآخر جمادا أم حيوانا أم مخلوقا من البشر. لن أجعلك تنسى أن يوم وقعت فى حبك، كان اليوم الذى صرت فيه ملكا لى» قال: «يا حبيبة عمرى، أخشى علينا من يوم يهيمن فيه الشعور بالتملك فيغلب على الشعور بالحب» قالت «هنا نختلف. أحبك وأملكك. شعوران كل منهما يعزز الآخر. أريد منك أن تحب الذهب. أرغب فى أن تمارس حب التملك. ولكنى أريد أيضا أن تستمر فى حبك لى» قال: «لا أظن أننى بقادر على الجمع بينهما» قالت: «تخيل فقط أنك عدت طفلا تلهو فى مهدك وأنا لعبتك، وتخيل فى الوقت نفسه أنك نفس الطفل تلهو فى حديقة الأطفال وبين اللعب لعبة أشبه بى، لعبتك المفضلة، أتراك تفضلها على لعبتك التى تملكها. أكاد أراك وأنت تدخل من باب بيتك فتركض فى اتجاه غرفتك باحثا عنى، عن لعبتك أقصد، لتحتضنها وتمسح بيدك الناعمة فوق رأسها؟».

***
قال: «تحكى ملفات شركة اللويدز للتأمين حكاية سفينة قادمة فى العام 1859 من أستراليا قاصدة ليفربول وعلى متنها نحو أربعمائة راكب. أخطأ الربان طريقه عند اقترابه من شواطئ ويلز فتحطمت أجزاء منها وبدأت تغرق. لم يستغرق الغرق وقتا طويلا إذ كان الركاب يحملون فى أحزمة تلتف حول بطونهم كميات هائلة من ذهب استخرجوه من منجم حديث الاكتشاف. رفضوا نصيحة الربان أن يتخلصوا من أحمالهم عسى أن تطفو بهم السفينة. ماتوا بذهبهم عن بكرة أبيهم».

قالت: «عدت تخلط بين الأمور. ما تحكيه أو تنقله عن صفحة أو أخرى من ملف فى خزائن شركة اللويدز، دليل لا أرفضه عن الجشع. أعرف جيدا مواقع الشر فى الرغبات والدوافع. الجشع شر بشع. لن أرفض كذلك حقيقة تنكر كثيرا من تفاصيلها منظومة الفكر فى الغرب. الغرب لا يعترف بأنه بالجشع استطاعت جحافل المغامرين وبينهم مجرمون أن تعود بالذهب وغيره من الثروات التى بدونها ما كانت نهضة الغرب كما عرفناها».

قال: «لم أنقل حكاية غرق الرويال تشارتر، إحدى أكبر سفن الركاب فى ذلك الحين إلا لأؤكد أن الإنسان لو سمح للحب أن يغلب أو حتى يهيمن، لما غرق سكان هذه السفينة. شهوة التملك غلبت حتى هيمنت. تعرفين ولا شك ميل البشر وبخاصة النساء للتفاخر أمام الآخرين بما يملكون. دعينا معا، هل تذكرين، إلى حفل عشاء ببيت صديقة فى ضاحية من ضواحى القاهرة. ليلتها أكلنا فى صحون من صنع فرنسا وبملاعق من الفضة وشربنا من كئوس مطلية حوافها بالذهب. أذكر أنى همست فى أذنك أثناء رقصة أديناها معا. سألتك إن كانت صديقتك صاحبة الدعوة مستمتعة بالحب استمتاعها بما تملك. لم يعجبنى حضنها لزوجها. شعرت كما لو كان الحضن خصص لنا لنراه ونضمه مع الزوج إلى قائمة ممتلكات صديقتنا».

قالت «عنيف أنت كعهدى بك. ملاحظتك دقيقة ولكنك تهمل دور الحب فى تكوين الثروات. لا أتحدث هنا عن جو الوئام اللازم لتراكم الثروة، إنما أتحدث عن قصص حب عديدة ومستمرة كانت وراء ثراء عدد كبير من الأفراد. وعلى كل حال عليكم أيها الرجال أن تعتبروا التفاخر بمظاهر الثروة نوعا من ممارستنا نحن النساء حق تجميل وجوهنا وأجسامنا وكل ما نملك. لسنا وحدنا، النساء، فى هذا المضمار. أحب فقط أن أذكرك بالدكتور هنرى كيسنجر وأكاديمى مصرى معروف، كلاهما لا يدخل مكانا عاما إلا مصطحبا ثلة من النساء أطول منه قامة ومتألقات تجميلا وتصفيفا وتزويقا. هنا لا ملكية ولا حب إنما رغبة فى الظهور رغم توافر الشهرة».
***
قال: «تسمعين عن اهتمامى المبالغ فيه بهذا الموضوع. يكتبون عن المرأة وانشغالها بجمالها ورشاقة جسمها ورجاحة عقلها لتلفت انتباه الرجل، أى الجنس الآخر. لا يكتبون عن الرجل، وبخاصة من تقدم به العمر، الذى يفعل الشىء ذاته، يتجمل ويتأنق ويصطنع الوقار أو يبرزه، هؤلاء الذين يكتبون لا يعرفون مشاق ومصاعب إبراز مواقع الجمال والحكمة والجاذبية فى بعض الحالات. كنا نتصور أن الطاوس «ذكر» الطاوس الكسول يبخل علينا، أو يتلكأ فى فرد ذيله الأسطورى حتى قرأنا تفسير داروين. أعرف الآن أن الريشة الواحدة عبء ثقيل على الطاوس وتحريكها يتطلب جهدا خارقا. تماما مثل تحريك الثور لرأس تحمل القرن الأطول وتحريك ذكر الإوز لمؤخرة شديدة الامتلاء. كلها «إشارات» يصدرها «الذكر» معلنا عن جهوزيته لغرس أكفأ الجينات إن استجابت الأنثى بعرض آخر مناسب».

قالت: «أليست هذه كلها امتيازات كالممتلكات وهبتها الطبيعة لمخلوقات لتقيم بها أو معها علاقات حب أقوى وأكثر إمتاعا؟ لماذا لا تعترض على مشيئة الطبيعة؟ هل تنكر أن امرأة جميلة وأنيقة متأبطة ذراع رجل تبدو للرائى أشد فتنة وجاذبية. وقفت ذات مرة ألاحظ دخول المدعوين إلى حفل استقبال تقيمه سفارة فى فندق كبير. يخرج الزوجان من المصعد متوجهين نحو قاعة الاستقبال، الزوج يسبق زوجته خطوة أو اثنتين، فإذا اقتربا من قاعة الاستقبال قفزت الزوجة لتتأبط ذراع الزوج. كلنا نعرف أن كل العيون تظل معلقة بباب الدخول تتابع وصول المدعوين. قطعا المرأة فى يد الزوج أو متأبطة ذراعه إعلان حب متجدد يطارد شك المتشككين».قال: «عزيزتى، لا تنكرى أن لهذا الإعلان وجه آخر. هو بالفعل إعلان حب ولكنه أيضا شهادة ملكية، أنا أملك هذا الرجل. هذه الشهادة كافية فى حد ذاتها ليتمرد المملوك على المالك»

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا نملك من نحب لا نملك من نحب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab