صفحة فى ملف قديم

صفحة فى ملف قديم

صفحة فى ملف قديم

 العرب اليوم -

صفحة فى ملف قديم

بقلم - جميل مطر

أطلت بإلحاح من تحت أوراق كثيرة. أخرجتها ونفخت الغبار عنها. صفراء حوافها وزاعقة بالجرأة بعض كلماتها وهالكة أطراف حروفها.
بأصابع مرتعشة سحبتها من أحد أركانها الصفراء. استعنت بضوء إضافى وجهد مضاعف لأتعرف على من كتبها وتاريخ كتابتها. استغرقت المحاولة وقتا. تغلب الفضول على اليأس حتى ركنت ومعى الرسالة فى بقعة هادئة، أحنو عليها خشية وحمدا وأهنئ النفس بمتعة لم يغدق زمانى بمثلها من سنين.
• • •
كتبت.. ألقاك بدون ثالث معنا أو بيننا أو فى داخلنا. حتما سوف ألقاك. قطع كثيرة متناثرة جمعتنا وهى الآن تدعونا لنعيد تركيبها. بعض ذكرياتنا أو كلها تتدافع لتقنعنا، كل على حدة وكلها مجتمعة، أنها تستحق أن تحكيها حكاية واحدة. تحثنا أن نلتقى نلم «فتافيت» ما فعلنا، نشكل منها وقفات كبرى فى علاقتنا ثم نضمها إلى سجل لم نؤلفه ولم نتدخل فى صنعه، كنا، أنت وأنا مسيرين ولم نكن مخيرين ولم نحتج ولا شكونا. نحتج على ماذا ونحن نعيش فى نعيم. نشكو ماذا ولمن وكلانا يحمد الجميل لكل شروق ولليل لا ننام فيه إلا لنحلم بما فاتنا.
• • •
نعم، لا بد من لقاء لكلام يجب أن يقال. تقول ما عندك ولم تبح به إلا لغيرى. وأقول ما عندى. ما عندك لتقوله كثير وما عندى أكثر. الكلام المحجوب أكثر من المباح وبخاصة عندك. ما فى رأسينا ليقال يملأ ساعات وصفحات ولكن ما فى قلبينا، قلبك وقلبى، يملأ شهورا ومجلدات. تعالى يا أغلى من فى كونى، تعالى إلى لقاء. لا تؤجل من فضلك. فما فى القلب يلح ليخرج. حبسته حتى صار المحبوس لكثرته يوجعنى.
• • •
تتذكر يوم أقنعتك بأن نغيب سوية عن الدروس ونقضى اليوم الربيعى الرائع فى حديقة الأندلس. حديقتنا التى هى حديقة الحب. هناك اختفيت أثناء اللعب فى بيت جحا. بحثت عنك دون جدوى. خشيت أن تكون خرجت من الحديقة بدونى. ظهرت بعد دقائق مرت بى كالدهر الذى لا يألو على شىء ولا على أحد. وجدتنى أبكى. كنت أبكى خشية أن تصدق أمى التى كانت تقول لى ولإخوتى «يا ولاد.. الحاجة الحلوة ما بتقعدش».
• • •
أحطتنى بذراعيك وأخذتنى إلى حضنك. تعرف أننى كتبت لك عن هذا الحضن وما ترك من آثار. ولكنك لا تعرف أننى ائتمنت ابنتى عليه دون ذكر اسمك عندما بدأت تحب. هى الابنة التى لقنتها بنفسى أبجدية الحب ونحوه وصرفه حتى كتبت عنه فى روايتها الأولى ذائعة الصيت وواسعة التوزيع. أنا فخورة بها وبك. كلاكما تلقى الدرس الأول فى الحب على يد أستاذة لم ينضب معينها.
• • •
تعالى مرة أخرى نقلب أوراق سيرتنا المشتركة. تعالى نقرأ معا ما كتبت أصابعى عن بدايتنا. نعم أنا رسمت لك ولى خريطة طريق. استوضحنا معا كثيرا مما كنا نجهل. خفايا الحب لا حصر لها، ومسالكه محفوفة بالمخاطر، وخطواته الأولى تبقى محفورة إلى سنوات متوغلة فى العمر المتقدم، والجروح الناجمة عن سوء فهمه تصبح مع الوقت دروسا ناعمة نسربها لصغار السن وأجراس تنبيه فى قوة أجراس الكنائس ندقها لكبار السن. تذكر كم من المرات تدخلنا فنصحنا زميلات وزملاء أن يتفادوا الوقوع فى الحب بالتمهل والتريث والصبر والاحتماء بالثقة فى النفس. الوقوع فى الحب يحمل فى تطوره مذلات ومشكلات بينما الرغبة فيه والتدرج فى الإحساس به يزيد من فرص الاستمتاع به.
• • •
كنت، ولا تزال، أصغر منى. علمتك الحب وعلمتنى الصبر. فى الحديقة كنت أركض وأتقافز وأغنى وأرقص وكنت تمشى وإن قابلتك حواجز درت حولها. كنا فى رحلة. سمعتك فى غرفتك تغنى وأنكرت ولم تعترف يوما بأن صوتك يستحق أن يسمعه الناس. لمستك أول مرة قبل أن تلمسنى. حضنتك قبل أن تحضننى. دعوتك للخروج ولم أنتظر أن تسبقنى فتدعو. كنت دليلك عن أسماء مختلف الأماكن ومختلف الأشياء ومختلف الناس. لم تكن دخلت حدائق المنتزه حتى وجدتنى هناك فى انتظارك. عبرنا الألب معا أنت تقود وأنا أغازلك. قدمتك إلى نجوم الحياة الحلوة فى روما ودعوتنى إلى عشاء فاخر فى فيلا آدا حيث كان يقيم آخر ملوك إيطاليا. أحببت فى هذه الدعوة اهتمامك بى وانشغالك باستمتاعى وسعادتك لإقبال كبار الشخصيات السياسية على مشاغباتى وشقاوتى المعتادة. يومها رأيتك فى بيئتك الطبيعية التى اخترتها أو اختارتك فغبت عنى سنوات، غبت عن بصرى وعن لمسات أناملى، غبت عن أحضانى.
• • •
أكتب الآن هذه السطور القليلة عن جوانب صغيرة من سيرتنا. أكتب لك وحفيدتى قرب كتفى تظن أنها تمشط شعرى بأصابعها الصغيرة الناعمة. ما أحلاه مشطا. حبيبى، تسألنى بالتأكيد إن كنت أفكر فيك. كيف لا أفكر فيك وأنت من يحل له من وقتى وزمانى ما لا يمكن أن يحل لغيره. دخلت فى التو حفيدة ثانية. اقتربت منى لتقبلنى. لمحت دمعة تنساب على خدى، مسحتها بأصابع ناعمة وعيناها تحاول أن تقرأ ما سطرته الأيام على وجه كنت تحبه. سطور تتحدى خطوط التجاعيد وتنتصر عليها.
• • •
قالت الصغيرة بصوت خافت وكأنها تهمس فى أذنى، يا جدتى وجهك يختلف عن وجوه جدات صاحباتى وأصحابى. الخطوط فيه أنعم ولدى الشفاه دائما من حلو الكلام وأعذبه ما تحكيه وفى العينين بريق لا ينقطع. ماذا أفعل بنفسى وبحياتى ليكون لى عندما أكبر مثل هذا الوجه؟
• • •
أشحت بوجهى جانبا تهربا من إجابة وإلحاح مؤكد للحصول عليها. احترت بماذا أجيب. هل أقول لها إن مثلك، مراهقا كنت أم شابا يافعا أم كهلا، لن يأتى به الزمان إلا نادرا.

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفحة فى ملف قديم صفحة فى ملف قديم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab