صحفى وفنانة لقاء فى الطائرة

صحفى وفنانة.. لقاء فى الطائرة

صحفى وفنانة.. لقاء فى الطائرة

 العرب اليوم -

صحفى وفنانة لقاء فى الطائرة

بقلم - جميل مطر

الفنانة ترد على المضيفة: أفضل البدء بشرب الماء. من فضلك لا يكون مثلجا.
الصحفى للمضيفة: أشرب من نفس ما شربت منذ قليل.
الفنانة للصحفى: حضرتك مصرى؟
الصحفى: نعم. وحضرتك؟
الفنانة: معقول! أول مرة أقابل من يسألنى هذا السؤال.
الصحفى: فى زمننا صار صعبا التكهن. فما ترتديه معظم النساء فى العمل وفى الأماكن العامة يكاد يتطابق. صناعة الأزياء نجحت فى عولمة المرأة، وصناعة الزينة جعلت المرأة الأوروبية نموذجا تقلده النساء فى مختلف بلاد العالم.
الفنانة: لم يكن السؤال عن جنسيتى مصدر استغرابى. إنما استغربت حقيقة أنك لم تعرف من أكون، أنا التى فى ظنها أنها فى بلدها كالنار فوق العلم. إذا مشت فى الشارع تنادى المشاة وهدأت السيارات من سرعتها، وإذا جلست على مقهى تغامز الرواد وراحوا يبتكرون فرص الاقتراب للتقرب، وإذا ركبت طائرة هللت لوصولها المضيفات واعتدل الركاب فى مقاعدهم. لا أخفيك أن وكيل أعمالى يرتب لى ومعى تفاصيل لحظة دخولى وليضمن جلوسى فى موقع يرانى فيه الرائح والغادى فى ممرات الطائرة.
• • •
الصحفى: دعينا لو تكرمت نستعيد المشهد من بدايته ونرسم مشهدا جديدا يتناسب وأوضاع مختلفة طرأت عليه ولم تدخل فى حسابات وكيل أعمالك وفى حساباتك. واقع الأمر فى المشهد الجديد أن المضيفات لم يهللوا عند وصولك على باب الطائرة إنما استقبلوك بابتسامات يستقبلن بمثيلاتها كل الركاب لا فضل لراكب ذى شهرة على راكب غير ذى شهرة. كذلك لم يتغير سلوك الركاب عند دخولك لا هم اعتدلوا فى مقاعدهم ولا هم نهضوا منها مرحبين. أنا من بين عديد الركاب نهضت ليس لأنك راكبة مشهورة ولكن لأفسح لك الطريق لتدلفى بيسر نحو مقعدك المجاور لشباك الطائرة. قلت إنك من المشاهير وفهمت أنك فنانة. لفت نظرك ولا شك أننى لم أبد أى ملاحظة ولم أنطق بأى عبارة يفهم من أيهما أننى أستقبلك مبتهجا بحظى المبارك الذى أتاح لى نعمة الجلوس فى مقعد مجاور لمقعدك. دلت تصرفاتى على حقيقة لا يمكن نكرانها أو الالتفاف عليها وهى أننى لم أتعرف عليك كشخصية معروفة فى المجتمع. سيدتى أو آنستى الفاضلة اسمحى لى حسب المشهد القائم أقدم لك نفسى، اسمى (ج.ع.) ، أعمل صحفيا ولكن فى نشاط أبعد ما يكون عن ساحات الفن بكل أنواعه، بعيدا عن ساحات الفن التشكيلى والفن السينمائى وفنون الموسيقى والغناء وفنون الرقص ومنها البلدى والباليه وغيرهما. لذلك أعترف لك أنك كفنانة لم تدخلى فى اختصاصى الصحفى وبالتالى لم تسنح لى قبل اليوم فرصة لنتعارف أو لأتعرف عليك ولو عن بعد.
الفنانة: أنا اسمى (أ) ومصرية طبعا.
الصحفى: تشرفت يا فندم. يعنى صحيح ما يتردد عن أن عامة المصريين إذا عنت لهم الرغبة فى الاستمتاع بمواهب ولاد بلدهم لازم يسافروا لهم فى الخارج. يعنى مثل حالتى.
الفنانة: ها ها ها. طبعا من حظك الطيب أنك قابلتنى. ولكنك لم ولن تستمتع بموهبتى طالما بقينا محبوسين بين سماء وأرض.
الصحفى: يعنى أعتبر هذه الكلمات دعوة رقيقة من جانبك لأحضر فى أول حفل ينتظم فى القاهرة من أجلك بخاصة أو تشتركين فيه. لا أستحى من قول دعوة لأننى ومن هم فى مثل ظروفى لا يملكون رفاهة فائض الدخل الذى يدفعون منه ثمن تذكرة حضور حفل من حفلاتك. على الأقل هذا بعض مما أسمعه عن أسعار تذاكر حفلات فن وفنانى هذه الأيام.
• • •
الفنانة: من فضلك. اسمع وزملاؤك عن أهل الفن ما تشاؤون ولكن بحذر. فالمبالغة أصبحت سيدة الكتابة الصحفية فى مصر عن الفنانين والفنانات وكذلك الحسد ونشر النمائم وما استجد فى لغة وعقائد جمهور السوشيال ميديا، حتى العقائد السياسية البسيطة لم تسلم من التشويه. خذ مثلا هذا النوع من الوطنية الزائفة الزاحفة لتحل محل الفاقد من الوطنية الحقيقية والصادقة... أنا وغيرى من الفنانين ضحايا هذه الوطنية الزائفة. من فضلك لا تقاطعنى..
الصحفى: أريد فقط تصحيح بعض المعانى فى مفردات وردت فى كلامك. الجمهور غير مسئول عما آلت إليه فنون مصر وآدابها وعلومها ولا عن فنانيها. دعيت قبل أسابيع إلى لقاء على شرف ضيفة أجنبية تخصصت أكاديميا فى دراسة تاريخ الرقص الشرقى وأصول ومنظومة أخلاقياته وسلوكيات المبدعات من راقصات مصر. قالت شاكية إنها فى هذه الزيارة الأخيرة لم تقابل مصرية واحدة تستحق أن تصطف فى صف مشاهير الرقص الشرقى. دارت على ملاهى الفنادق الرخيصة والشهيرة على حد سواء تسأل عن حال الرقص الشرقى فى غياب الراقصات المصريات من حاملات رسالة هذا النوع من الرقص. وجدت برازيلية وفرنسية وأسبانية وأمريكية، كلهن يمارسن رقصا غريبا عليها، وحسب رأيها وهى الخبيرة المتخصصة، لا يمت لفن الرقص وتاريخه بصلة. اختفت الرواية والحب والتعاطف والشكوى والقوة والضعف منسجمين وكلها كانت مكونات أساسية وضرورية فى تشكيل عبقرية الرقص الشرقى. سألت الأجنبية عن راقصات مصر.. فاجأتها الإجابة.. رحلن مع فنانين كثيرين إلى بلاد سبقتهم إليها الفرص. أنا الآن أسألك إن كنت واحدة من هذه الطيور المهاجرة. هل أنت قدوة أخرى تفقدها مصر فى سباق الفقد الواسع الحالى هذه الأيام.
• • •
الفنانة: تظلمنى. كلكم تظلموننى. أنتم من دفعنى لأن أغرد فى مكان آخر بعيدا عن الكرمة التى نشأت قريبا منها وتعلمت فيها على أيد مواهب نادرة. أحصل فى الخارج على مكافآت خيالية وأعيش فى إغراءات لا قيود تحدها. صدقنى أيها الشاب إن قلت لك فى اعتراف غير مطروح للنشر، إننى أدفع الثمن غاليا، أدفعه من نظرة إنكار فى عينيك، نظرة مواطن مصرى لم يتعرف على اسمى أو هويتى أو جنسيتى. لم أحظ منك ولو بأقل القليل من الاهتمام الذى حظيت به المضيفة التى جاءت إلينا تسألنا عما نريد أن نشرب تمهيدا لرحلة العودة. لم تخطئ التعرف عليها فاسمها منحوت على صدرها ولهجتها كاشفة عن هويتها، ولكنك لم تحسن التعرف على جارتك التى نشأت ونضجت واشتهرت وفى ظنها، وعن حق أحيانا، أنه ما من مصرى يولد إلا وهو يردد اسمها.
أكرر ولا أبالغ كثيرا، أكرر القول إن كل فنان مصرى من نوعى ومن عمرى ومن كان فى شهرتى يعتقد فى قرارة نفسه أنه من سلالة أهرام خوفو، كبير كالهرم، باق كالهرم، محفور فى ذاكرة كل مصرى كالهرم. تهب الزوابع وتنهمر الأمطار وتتلاحق الأجيال وهو صامد صمود الهرم.
الصحفى: حتى الهرم يا سيدتى، أو آنستى، لو رحل قليلا أو طويلا وعاد ففى غالب الأمر وهو الذى ظن أن جذوره راسخة فى قلوب الصخر سوف يجد بين المستقبلين من ينكره ومن يتنكر له. والأدهى لو وجد بين المستقبلين صحفيا باحثا عن إثارة أو معدما ينتظر دعما. قد يجد، وفى الغالب لن يجد، بينهم معجبا بعظمته التى دخل عليها فى رحلاته تجديد وتعديل أو تطوير وتشويه.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحفى وفنانة لقاء فى الطائرة صحفى وفنانة لقاء فى الطائرة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات

GMT 19:57 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية

GMT 14:07 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

المجر تخسر مليار يورو من مساعدات الاتحاد الأوروبي

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab