على هامش قمة عربية في الدار البيضاء

على هامش قمة عربية في الدار البيضاء

على هامش قمة عربية في الدار البيضاء

 العرب اليوم -

على هامش قمة عربية في الدار البيضاء

بقلم - جميل مطر

بعد قراءة مقال لى نشرته الشروق فى باب انطباعات الأربعاء الماضى اتصل بى منير زهران زميل دفعتى بوزارة الخارجية والرئيس السابق لمجلس الشئون الخارجية ليسأل عن مكان الدكتور محمد الفرا الذى جئت على ذكره فى المقال بمناسبة حملة التدمير التى تشنها إسرائيل فى مختلف أحياء خان يونس، ومنها الحى الذى سكنته على مدى قرون عائلة الفرا الممتدة. تحدثنا طويلا. راح يذكرنى بلقاء جمعنا فى مطعم بحى عين دياب على شاطئ الأطلنطى بالدار البيضاء وفى حضور الدكتور الفرا.
كنا هناك فى الدار البيضاء، الفرا وأنا، كعضوين فى وفد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى مؤتمر القمة العربية الذى انعقد فى أغسطس من عام 1985، ومنير زهران الذى حضر خصيصا إلى الدار البيضاء من الرباط ليلتقى بنا استجابة لدعوة منى على غداء بعد أن اعتذرنا أكثر من مرة عن قبول دعوته لزيارته فى السفارة المصرية بالرباط بسبب انشغالنا فى القمة. كان منير وقتها يتولى مهام رعاية المصالح المصرية فى المملكة المغربية فى غياب سفير لمصر منذ أن قطعت المغرب علاقاتها الدبلوماسية بمصر تنفيذا لقرار عربى ردا على عقد مصر اتفاق سلام مع إسرائيل.
• • •
أذكر مناسبة الغداء إذ جاءت وسط مرحلة اهتمام غير عادى من جانبى بأمزجة الشعوب فيما يتعلق بأكلاتها ومطابخها بشكل عام. عشت مع زوجة بحكم ظروف عائلتها تنقلت مع أبيها وأمها بين سوريا ولبنان فى عائلة أكبر أصولها القريبة جدا تنتمى إلى إقليم عكا فى فلسطين وإلى دمشق وولاية حلب الممتدة بحكم نسيجها الاجتماعى إلى داخل تركيا وبحكم موقعها على الطرق الواصلة من العراق إلى ساحل البحر المتوسط، تنتمى أيضا إلى الأصول البورجوازية العتيدة للعائلات البيروتية التى خرج منها إلى المهاجر اللاتينية فى أمريكا عديد المغتربين وعادوا مع ما جمعوا من خبرات وشراكات. كانت فى الثامنة عشرة عندما تزوجتها ولم تكن دخلت مطبخا أو تدربت على صناعة الأكل وإن توفرت لها القدرة على التفنن فى إخراجه والاستعداد للتذوق والتمييز، وأخيرا حانت الفرص التى نقلتها من مرحلة التذوق والديكور إلى مرحلة إجادة فنون الطبخ، من هذه الفرص الانتقال إلى الصين والاستفادة من خبرة وصدق وأمانة المستر «خان»، الطباخ الصينى العجوز والرائع الذى زودتنا به وزارة الخارجية الصينية مع مربية أطفال لرعاية زوجتى الحامل ثم بسامر أول أطفالنا.
قبل الصين كنا فى الهند، حيث تلقت غدد التذوق عندى أول دروس فى الأكلات زاعقة النكهة ومتعددة المكونات وصارخة الألوان. بعد كثير من السفر وزيادة فى التعرف على مطابخ الشعوب ومنها الإيطالى والأرجنتينى والشيلانى والإسبانى والبرازيلى والبيروانى والجزائرى والمغربى والفرنسى والخليجى والأمريكى والإنجليزى والإيرانى وعلى المطابخ العربية المشرقية والتركية، تشكلت مجموعة صغيرة من الأصدقاء الذواقين اجتمعوا على فكرة قديمة تربط بين المطبخ والتحضر وروحنا نبحث ونأكل ونناقش ونقارن ونختلف وفى النهاية نتوافق أو نختلف على الدولة الأكثر تحضرا استنادا إلى توافق الأغلبية أو الاختلاف على المطبخ الأقدم أصالة والأكثر تميزا والأعمق أثرا.
يومها، أقصد يوم الغداء فى المطعم المغربى، أصر الدكتور الفرا على صحن من «البائياه»، وهى أكلة أندلسية الأصل عربية المعنى باعتبار أنها فى جذورها اللغوية تعنى «البقية» أى تتكون من بقايا أكلات سابقة، تختلط فيها مع الأرز أسماك وقريدس ولحوم دجاج وطيور أخرى. يقال إنها مع أكلات أخرى كانت تثير آكليها فى عصر الدولة الإسلامية على التنافس بإلقاء القصائد عنها أو فيها. وهى العادة التى نقلها الرحالة إلى العراق. من هناك صارت هذه القصائد مرجعا للطباخين فى عصور لاحقة للتحقق من أنواع وكميات ما يدخل فى صنع ما يطبخون من توابل وملونات.
جاء دورى فى الطلب فطلبت ولكن بعد عدد من الاستفسارات عن المكونات. طلبت فطيرة البسطيلة، أحد أشهر أطباق الأرستقراطية المغربية فى حال تزودت بصدور الحمام وعجائن اللوز. يعود إعجابى بها إلى المرة الأولى التى زينت مائدة غداء فى القصر الملكى بمدينة فاس، وقيل لنا وقتها إن الملك الحسن الثانى يشرف أحيانا بنفسه على إعدادها. عرف عنه أنه كان ذواقة ومطلعا على أدبيات الطبخ وتقاليد الأكل فى قصور الأقدمين. أذكر أيضا أنه فى زيارة لنا، هيكل وأنا، للمغرب تحدثنا خلال اللقاء مطولا عن هذه الهواية المحببة للملك.
• • •
حملتنا سيارة السفارة المصرية من المطعم إلى الفندق الشهير المطل على أوسع ميادين الدار البيضاء. هناك وعلى مائدة تزينها أكواب الشاى المغربية المألوفة استأنفنا الحديث معربين عن الثقة فى أن كثيرا من المناقشات التى جرت فى قاعات وغرف المؤتمر تشير إلى أن غياب مصر عن الجامعة لن يطول.
ودعت منير عند باب الفندق معربا عن إعجابى بنشاطه وعلاقاته بالمسئولين فى الدولة المضيفة الذين مع آخرين أحاطوه علما بتفاصيل وتوجهات كثير من الملوك والرؤساء، أغلبهم كانوا حريصين على تهدئة نزاع خطير ناشب بين دولتين مؤسستين لحزب البعث. علقت قائلا: لم يفتك يا منير الكثير من التطورات الهامة بغيابك عن هذه القمة باستثناء يوم سوف يظل مشهودا فى تاريخ الجامعة وسجلاتها، هو اليوم الذى خصص لهذا النزاع بين الدولتين. تكلم فى جلسة سرية أحد الرئيسين لمدة ست ساعات متواصلة وفى الجلسة التالية رد عليه الرئيس الثانى بخطاب امتد لثلاث ساعات. لاحظت من موقعى وبانبهار أن الرئيسين لم يلجأ أى منهما لورقة أمامه يستعين بها لإسناد خطابه بالتواريخ والتفاصيل والأسماء المتعلقة بالمؤامرات التى تدعى كل من الدولتين أن الدولة الأخرى خططتها ودبرتها لقلب نظام الحكم فيها واغتيال زعماء ومسئولين كبار.
مثلت أمامى دائما هذه الحادثة مع حادثة أخرى وقعت قبل ساعات من انعقاد قمة عربية أخرى فى تونس. إذ تبلغ الرئيس الحبيب بورقيبة أن طائرة حطت فى مطار قرطاج، المطار الدولى لتونس، وهبطت منها مدرعات وقوات عسكرية قيل للمسئولين عن أمن المطار إنها وصلت لحماية رئيس دولة عربية مشارك فى القمة ودولته مشتبكة فى نزاع خطير مع دولة عربية أخرى. سمعنا من مصادر فى القصر أن الرئيس التونسى هدد بالامتناع عن استقبال طائرة هذا الرئيس ملمحا أيضا عن إلغاء انعقاد القمة إذا لم تغادر قوات الحماية المطار التونسى.
• • •
انسحبت القوات وانعقدت القمة ولم يصدر عنها قرارات هامة.

 

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هامش قمة عربية في الدار البيضاء على هامش قمة عربية في الدار البيضاء



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس

GMT 12:28 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان يكشف أسباب تقديمه الأعمال الشعبية

GMT 05:43 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

سوريا: أفراحٌ... وهواجس

GMT 23:43 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

عائشة بن أحمد وكريم فهمي يجتمعان في فيلم دماغ ألماظ

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

قطر تعلن عزمها إعادة فتح سفارتها في سوريا قريباً

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

العربية للطيران تستأنف رحلاتها بين الشارقة وبيروت 18 ديسمبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab