أبعاد عديدة لعمليات غزة

أبعاد عديدة لعمليات غزة

أبعاد عديدة لعمليات غزة

 العرب اليوم -

أبعاد عديدة لعمليات غزة

بقلم - جميل مطر

كان يوم سبت. سبت تلون فى الكتابات والتعليقات بألوان شتى. للبعض كان سبتا أبيض ولأعدائهم كان سبتا أسود ولآخرين كان سبتا أحمر. سبت سوف يسجله التاريخ العربى فى سجلات الشرف وتسجله سجلات أخرى باعتباره يوما ممتدا تحت عناوين شتى منها عنوان يوم السباق نحو النفاق، وعنوان يوم انكشفت للناس مرة أخرى عنصرية زعماء الغرب فى شكل مرض خبيث ومقيم، ويوم عادت منتشية الصليبية تحت أسماء أخرى، ويوم نسى العالم أو تناسى أن هناك حربا ناشبة فى أوكرانيا، ويوم سمعنا وزير خارجية دولة عظمى يعلن على الملأ فى لحظة انتشاء أو تكبر أنه بعث نفسه فى مهمة دينية وليس لصفة سياسية أو وظيفية، ويوم ساد الوجوم والترقب معظم عواصم العرب، ويوم تنفست كل من الصين وروسيا الصعداء لانفراجة بدت تبرق لصالحهما، ويوم ذهبت الظنون بحكام دول شتى أن حلم نكبة ثانية كثيرا ما راودها على وشك أن يتحقق، ويوم حققت حركة مقاومة حلم الملايين بأفراد معدودين وهو اليوم الذى قررت فيه إسرائيل تدعمها أمريكا تدمير قطاع غزة وتهجير سكانه. كان يوما ليس ككل الأيام، فعل بأهل غزة ما فعل وخلف من بعده أياما بأحداث ليست أقل أهمية فيما يلى أعرض للنقاش بعضا منها.
• • •
أولا: كان موقف دول الغرب مخزيا. لا أجد كلمة تناسب ما فعله الغرب وما تردد على ألسنة حكامه وممثليه إلا كلمة الخزى. أكد حق إسرائيل فى أن تعتبر أى مقاومة فلسطينية لاحتلالها فلسطين إرهابا وليس مقاومة. العالم كله بما فيه يهود بولندا قاوم النازيين ولم يصنفهم الغرب إرهابيين. أمريكا نفسها قاومت الاستعمار الإنجليزى ولم تسجل فى تاريخها هذه المقاومة كحركة إرهاب. لم نعرف إلا فى غزة أن الغرب يقف كتلة واحدة تبارك تدمير شعب بمؤسساته ومساكنه وأطفاله ونسائه لأنه يأوى أفرادا يقاومون. قيل فى موقف هذا الغرب إنه يستخدم عنف الإسرائيليين ليشن حربا صليبية جديدة ضد أهل المنطقة. جاءت ردود زعماء فى الغرب من نوع رد السيدة أورسولا رئيسة الاتحاد الأوروبى مخيفا وكاشفا عن درجة من العنصرية أعلى بكثير من كل ما تصورناه عن السياسيين من ألمان عهد هتلر. حركوا ومعهم مؤسسات إعلامية غربية شهوة إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى صحراء سيناء. أثاروا جميعا موجة من الكره عمت أجواء أوروبا فى سابقة لا مثيل لها فى التاريخ الحديث.
ثانيا: كادت إسرائيل تطيح بأحد أهم أحلامها، أقصد الاتفاقات الإبراهيمية. خرجت المظاهرات فى أكثر من معقل من معاقل الفكرة الإبراهيمية مثل المملكة المغربية ودولة البحرين تؤكد الرفض الشعبى لها على أرض الواقع والتجربة. من ناحية أخرى تأكد أن الدول العربية التى وقعت على اتفاقيات صلح أو سلام مع إسرائيل إما نادمة على ما فعلت أو صارت بعد ما فعلته إسرائيل بغزة والضفة الغربية أقل حرصا على التزام هذه الاتفاقات وأبعد نظرا.
ثالثا: لسنا فى حاجة لكثير من الخبرة فى الشئون الدولية لنقرر أن أوكرانيا خرجت خاسرة من انتقال الحملة الغربية إلى غزة وأن كلا من روسيا والصين خرجتا بنصيب عال من تعاطف العرب والمسلمين فى كل مكان. خرجتا بهذا النصيب دون أدنى تدخل مباشر. اكتفتا بتأكيد حق الفلسطينيين فى التحرر والاستقلال.
رابعا: سقطت مبادرة أو فكرة حل الدولتين، أو هكذا تردد الرأى فى مختلف الأرجاء. لم يعد ممكنا تجديد الاقتناع بصدق نوايا واشنطن وراء هذا الحل. ما فعلته أمريكا خلال عشرة أيام فى التعامل مع هذه الأزمة قدم الدليل الناصع على سوء النية نتيجة هيمنة أقلية إثنية دينية على مفاتيح القرار فى الولايات المتحدة، والعكس أيضا صحيح. هذا التطور كفيل بأن يثير اليأس فى دوائر صنع السياسة فى حكومات عربية كثيرة راهنت على هذا البديل. معنى هذا التطور العودة للتفكير فى مستحيلات علما بأن خبرتها تؤكد على حقيقة أن أجواء المستحيل هى التى تؤسس لحركات مقاومة خارجة عن سيطرة السلطة الحاكمة. مرة أخرى تعود العلاقات مع إسرائيل تشكل هاجسا أساسيا فى عواصم عربية كثيرة. مرة أخرى ينتعش الشك فى كل هذه العواصم حول الثقة فى قدرات أو نوايا دول الغرب وبخاصة أمريكا تجاه قضايا حماية أمن واستقلال وسلامة الدول العربية الحليفة.
خامسا: بناء على ما استجد خلال الأيام الأخيرة لن نكون من المبالغين أو المتشائمين إذا توقعنا توسعات فى المستوطنات وزيادة فى بناء الجديد منها. لاحظنا ولا شك لاحظت الدول الغربية أن المستوطنين هم فى الحقيقة جيش آخر لإسرائيل، بل هو الجيش الأهم فى المستقبل بعد أن يكتمل تسليح المستوطنين. سمعنا إدانات لا تخلو من لهجة الإرهاب المضاد صدرت عن مسئولين فى واشنطن وفى بروكسل تتهم حماس بالوحشية ولم نسمع على امتداد الشهور الأخيرة إدانة أوروبية أو أمريكية واحدة لحملات الترويع والقتل العمد لمدنيين فلسطينيين فى الضفة الغربية، والتى هى فى حقيقة الأمر كانت مثل غيرها من أدوات الرعب المتطرف وراء قرار حماس بالتحرك فى غزة.
سادسا: أعترف بأننى مستاء لما تردت إليه الدبلوماسية الأمريكية فى السنوات الأخيرة. مستاء للفوضى الضاربة أطنابها فى كل القارات، بما يعنى فشل أمريكا فى فرض قيادتها وعجزها عن نشر قناعاتها الأيديولوجية. مستاء للممارسات الشاذة، أو فلنقل الممارسات الأمريكية غير المألوفة ولكن الخطيرة فى مراميها، النموذج البارز من هذه الممارسات إعلان وزير الخارجية الأمريكية وهو على سلم الطائرة الراسية لتوها فى مطار بن جوريون أنه يأتى فى هذه المهمة بصفته اليهودية. هل نتوقع من معظم أعضاء جهاز الأمن القومى الأمريكى أن يكرروا هذا الفعل من رئيس الدبلوماسية عند تنفيذهم مهام سياسية أمريكية خارج أمريكا؟ هل صار الدين ضرورة من ضرورات فرض الموقف الأمريكى؟ أم أنه هذا الدين بالذات؟ هل قدر السيد بلينكن خطورة هذه السابقة على العمل الدبلوماسى ليس فقط فى علاقات أمريكا الخارجية بل فى العلاقات الدولية بشكل عام؟. أتخيل فى المستقبل دبلوماسيا أمريكيا يقدم نفسه باسمه وديانته فى مهمة خارجية فيرد عليه المضيف المكلف باستقباله باسمه مضيفا أنه هندوسى الديانة أو بوذى أو لا دينى أو مسلم أو مسيحى كاثوليكى. هل كان القصد زيادة فى طمأنة الطرف الإسرائيلى أم زيادة فى ترويع شعوب الشرق الأوسط ومنها شعب فلسطين، بعد أن صارت الحرب فى نظرهم دينية. هكذا فهم الناس القصد من وراء هذا الإعلان المثير من جانب رئيس الدبلوماسية الأمريكية. أخشى مع الكثيرين أن تستفحل الظاهرة متمنيا ألا يكون مصرع الطفل الفلسطينى فى ولاية إلينوى الأمريكية بطعنات من رجل متأثر بحملة الكراهية غير المسبوقة فى الإعلام الغربى بداية مسيرة عنف وغضب متبادل. خطأ آخر ترتكبه إدارة سياسية منهكة يحسب عليها ضمن أخطاء أخرى لا تقل خطورة.
سابعا: فرد واحد استطاع أن يشعل حربا ويدفع الغرب كله للتأهب لحماية إسرائيل ويفرض على العرب وضعا جديدا فى علاقاتهم بها وبالغرب، هذا الفرد أثار زوبعة فى إسرائيل تحت عنوان إصلاح القضاء ليتهرب من إدانة بالفساد ومن إعلان نهاية لدوره السياسى، لم يحصل على ما أراد فشن حربا ضد قطاع غزة مراهنا على أن تمتد الحرب لتصبح حربا إقليمية ثم شبه دولية. نتنياهو بالفعل قرر أن يأخذ معه المعبد بأسره إلى الدمار طالما ظل سيف المحكمة على رقبته. وقد حدث. كل «إسرائيل المؤسسات» غير مطمئنة الآن لتربعه على عرش قرار السلم والحرب فراحت تقيده بحكومة ائتلاف وطنية، وإن كانت أغلبيتها غير مختلفة معه تماما فى الأساليب والهدف.
• • •
المطلوب الآن تنبيه الغرب إلى ضرورة وقف الاندفاع نحو كارثة محققة لو استمر قادته فى محاباة الإسرائيليين على حساب أمم أخرى. توسعوا فكوفئوا، قتلوا ولم يعاقبوا، مزقوا فلسطين ولم يحاكموا، هددوا أمن واستقرار الشرق الأوسط لسبعين عاما ولم يؤاخذوا.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعاد عديدة لعمليات غزة أبعاد عديدة لعمليات غزة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
 العرب اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab