لا يمكن أن يكذبوا عليك

لا يمكن أن يكذبوا عليك؟

لا يمكن أن يكذبوا عليك؟

 العرب اليوم -

لا يمكن أن يكذبوا عليك

بقلم: عادل درويش

 

هل سيفي ستارمر بالوعود في المانيفستو الذي أصدره حزب العمال عشية الانتخابات أم ينكث بها؟

السؤال الاستنكاري الإنجليزي الساخر «لا يمكن أن يكذبوا عليك؟» كان عنوان كتاب لروبرت هاتون زميلنا في المجموعة الصحافية البرلمانية. «وا» في «يكذبوا» تشير إلى المسؤولين في وايتهول (اسم شارع الوزارات المفضي إلى البرلمان ويتفرع منه داوننغ ستريت)، والكتاب تحليل تاريخي ساخر لتطور تعبيرات المسؤول لتحتمل أكثر من معنى.

تبادلنا الدعابة في مطلع الأسبوع، فكتابه الساخر لا يزال واقعياً مع الحكومة العمالية عشر سنوات بعد صدوره أيام ائتلاف المحافظين والديمقراطيين الأحرار. دعابتنا كانت أثناء المؤتمر الدولي للاستثمار في بريطانيا، الذي افتتحه رئيس الوزراء السير كير ستارمر، وتحدثت فيه وزيرة المالية راتشيل ريفز، والمستثمرون الدوليون.

ستارمر، ووزراؤه أعطوا الانطباع مكرراً بأن المؤتمر إنجاز لحكومتهم العمالية؛ ولم يقدموا سبباً مقنعاً لعقد المؤتمر قبل إعلان الميزانية العامة (نهاية الشهر). بالطبع لا يكذبون علينا، لكنهم لا يذكرون أن الترتيب للمؤتمر تم قبل الانتخابات أثناء حكم المحافظين، بمبادرة من مجموعة من البنوك وصناديق الاستثمار في لندن.

ومثل حكاية المؤتمر، فإن الميزانية العامة نفسها (مصدر نزاع بين بعض الوزارات والخزانة، تسببت في تخلف وزيرة المالية عن الموعد المقرر، الأربعاء الماضي، لتقديم مسودتها لمكتب مسؤولية الميزانية) واستفسارات الصحافيين حول تفاصيلها أيضاً ذكرتني بالكتاب. فالمؤتمر كان فرصة للقاءات غير مرتبة بمسؤولين كستارمر ووزيرة المالية ريفز عند مرورهم بكمائن الصحافة، ووجود ميكروفون أو كاميرا في بعضها، والتليفون الذكي اليوم يغني عن كليهما. سؤال الصحافة كان تزويدنا، كمراسلين نمثل قراءنا ومستمعينا، بتفاصيل الضرائب التي تنوي حكومة ستارمر فرضها، وهل سيفي بالوعود في المانيفستو الذي أصدره حزب العمال عشية الانتخابات أم ينكث الوعد؟

في الإجابة عن السؤال المباغت قال إن حزبه وعد بعدم زيادة الضرائب ورسوم التأمين الاجتماعي على «الناس العاملين»، التعبير working people، يقصد به «الموظفين» فقط الذين يتقاضون أجراً شهرياً أو أسبوعياً في عمل ثابت. وهذا التفسير يستثني غير الموظفين، حيث ستزداد الضرائب على الملايين من شرائح عدة: أكثر من 15 في المائة من القوى العاملة (أكثر من خمسة ملايين)، وهم الممارس الحر self - employed مثل سائق التاكسي، والمهنيين، كالنجار، والكهربائي، وميكانيكي السيارات، ومثلهم من مهنيي الخدمات، وصاحب المتجر الصغير، وعمال النظافة في المباني (وأكثرهم من النساء، وهم أدنى فئات المجتمع أجوراً)؛ كما يشمل أيضاً أصحاب المتاجر والأعمال الصغيرة كصاحب المقهى، والمطعم، والمزين، ويبلغ عددهم خمسة ملايين و600 ألف، ويقدمون نصف مساهمة القطاع الخاص في الدخل القومي ويوفرون 60 في المائة من الوظائف. رفع رسوم التأمين والضرائب على هذه المجموعة، وهامش الربح لديها ضئيل للغاية، سيدفع بهم للتوفير في العمالة، وإغلاق العديد منها، ورفع المتاجر أسعار السلع والخدمات. أما أكثر الشرائح من غير الموظفين تضرراً فهم 11 مليوناً أو 16 في المائة من السكان من كبار السن والمتقاعدين، لأنهم ليسوا «الناس العاملين» في قاموس ستارمر. وبجانب فرض ضرائب الدخل على المعاش الذي يتلقونه، فإنهم سيحرمون من منحة فواتير الطاقة في الشتاء (ما بين 200 و300 جنيه) بجانب حرمان أكثرهم من تخفيض 25 في المائة من رسوم البلدية المحلية للشخص المقيم بمفرده. الإجراءات ألهمت النقاد الساخرين ومونولوجيستات الكوميديا باستبدال حرف واحد في اسم وزيرة المالية ريفز ليصبح راتشيل «ثيفز» (لصوص). وتذكرت عندما ألغت مارغريت ثاتشر، بصفتها وزيرة المعارف في 1971. صرف الحليب المجاني للمدارس (اعترفت بخطأ السياسة في مذكراتها في 1993) فوظفت الصحافة الساخرة القافية في «ثاتشر... ثاتشر ميلك سناتشر» (سارقة اللبن).

ولا ينافس أسئلة نكث الوعود الانتخابية، إلا تساؤلات بشأن الشفافية وتضارب المصالح حول الهدايا والإكراميات التي تلقاها ستارمر من الأثرياء والمشاهير، آخرها التذاكر المجانية لحفل المغنية العالمية تايلور سويفت (وقيمتها آلاف الجنيهات منحت له ولوزراء آخرين) في استاد ويمبلي، والتقطت صورَه وزوجته مبتسمين مع النجمة. بوليس العاصمة كان رفض توفير دراجات حراسة مرافقة لتنقلات سويفت، لأنها لا توفر إلا لنشاط رسمي للدولة وممثليها (البوليس لا يوفرها للأميرين هاري واندرو فلا نشاط دولة رسمي لهما)، لكن بعد «مشاورات» مع المدعي العام ووزيرة الداخلية (تلقت تذاكر الحفل) وفر البوليس حراسة لمرافقتها إلى ويمبلي.

متحدث داوننغ ستريت كرر الإجابة: «لم يتطرق رئيس الوزراء إلى موضوع حراسة البوليس للمغنية أثناء لقائه القصير بها في ويمبلي». الإجابة صادقة، حرفياً، كواقعة: «فلا يمكن أن يكذبوا علينا؟».

arabstoday

GMT 06:35 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

بك من هارفارد

GMT 06:30 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يكونُ ورَاءَهُ فَرَجٌ قَرِيبُ

GMT 06:29 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

على هذه الأرض ما يستحق الحياة

GMT 06:27 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

السياسة وعقل الدول

GMT 06:25 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لغز ميشيل أوباما!

GMT 06:24 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير

GMT 06:22 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

هل يتجه الجنوب «جنوباً»؟

GMT 06:21 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

الدخان الرمادي في غزة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا يمكن أن يكذبوا عليك لا يمكن أن يكذبوا عليك



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 02:58 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب محافظة بوشهر جنوب ايران

GMT 13:47 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

مخترقون يستهدفون مستخدمي iPhone بهجمات إلكترونية جديدة

GMT 02:56 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

الجفاف المتزايد يؤجج حرائق كاليفورنيا

GMT 11:47 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

ليلى علوي تُصدم بعد أسبوعين من عرض "المستريحة"

GMT 02:46 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

مقتل 11 شخصًا في هجوم للدعم السريع بقرية الخيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab