القطاع الخاص وحرية التعبير

القطاع الخاص وحرية التعبير

القطاع الخاص وحرية التعبير

 العرب اليوم -

القطاع الخاص وحرية التعبير

بقلم: عادل درويش

ما الأفضل لحرية الصحافة والتعبير والمعلومات؟
أهو ترتيبات السوق المفتوحة في الديمقراطية التعددية وحرية الملكية؟ أم الملكية العامة لوسائل النشر والبث والمعلومات؟
المحافظون الكلاسيكيون من مدرسة السوق الليبرالية المفتوحة، والديمقراطيون التقليديون، يفضلون استقلالية المؤسسات الصحافية، ووسائل بث المعلومات، عن سيطرة الدولة وبيروقراطية القطاع العام، مفضلين لوائح تنظيمية لحماية الرأي العام من احتكار أوليجاركية صغيرة أو كارتل تجاري لشبكات التعبير والنشر.
وبعكس المتوقع، اليسار والليبراليون الجدد (ما بعد التحديثية)، والاشتراكيون، يدعون للسيطرة على وسائل توجيه الرأي العام (بشرط أن تعزف من نوتتهم الموسيقية).
احتدم الجدل بين التيارين بعد إعلان الحكومة البريطانية مشروع بيع القناة الرابعة، أربعون عاماً بعد إطلاقها الذي أثار الالتباس في الأذهان في 1982. فلبث بدأ يوماً بعد انطلاق قناة باسم «الرابعة س» لأهل إمارة ويلز بلغتهم الولشية الخاصة (تكتب بالحروف اللاتينية نفسها كالإنجليزية لكنها لغة مختلفة)، ورغم أن جزءاً معتبراً من تمويل القناة الرابعة من الإعلانات، فإنها تعتمد على دعم دافع الضرائب من الخزانة، وقانونياً مملوكة لوزارة الثقافة والصحافة والبث الرقمي والرياضة منذ تأسيس الوزارة في 1990. قبلها كانت مدعومة من مصلحة البث والإذاعة المستقلة، الجهة الرسمية التي تأسست في 1972 لتنظيم عمل ومنح التصاريح لهيئات ومؤسسات البث والإذاعة المستقلين.
وزيرة الثقافة والبث الرقمي والصحافة والرياضة، نادين دوريس، منذ تولت منصبها في سبتمبر (أيلول) الماضي، تريد أن تطور خدمات البث، لتتيح للمشاهد حرية الاختيار، وتخفف الأعباء عن الخزانة. فالمشاهد يدفع إجبارياً ما قيمته 210 دولارات رخصة التلفزيون للـ«بي بي سي» (التي لها نصيب الأسد بـ31 في المائة من المشاهدين في المملكة المتحدة).
فالـ«بي بي سي» شبه تحتكر الرأي العام بعشر قنوات تلفزيون ومثيلتها إذاعية على المستوى القومي من لندن، بجانب «بي بي سي» في أسكوتلندا، وويلز وآيرلندا الشمالية، و40 محطة راديو في الأقاليم.
القناة الرابعة، نصيبها 10 في المائة من المشاهدين، مما يعني أن 41 في المائة من مشاهدي التلفزيون ممولون كقطاع عام، من ضرائب أو رسوم الشعب.

أول مشاريع الوزيرة دوريس للتطوير طرح القناة الرابعة للبيع لرفع تمويلها عن كاهل دافع الضرائب، ولمزيد من الاستقلالية.
اليسار والمعارضة (وبعض نواب الحكومة، من المعارضين لبريكسيت) يتهمون الوزيرة نوريس باتخاذ إجراء انتقامي ضد القناة الرابعة لتغطيتها المنحازة للاتحاد الأوروبي ومناهضتها لـ«بريكسيت»، واتجاهها اليساري.
المفارقة أن القناة الرابعة، مثل الـ«بي بي سي»، ادعت أنها محايدة وأنها متوازنة في التغطية أثناء حملة الاستفتاء على «بريكسيت»، واليوم تلوح بتهمة «السياسة الانتقامية» كاعتراف ضمني بعدم الحياد. الـ«بي بي سي» بالطبع تلتحق بجوقة المنتقدين التي تقودها الصحافة اليسارية. الجانب «الثاتشري» في حكومة المحافظين، الذي يريد مشاركة أكبر للقطاع الخاص وجذب الاستثمارات لتمويل خدمات ومشاريع يمكن رفعها عن كاهل دافع الضرائب، يطرحون وجهة نظر أخرى.
فعندما انطلقت القناة الرابعة منذ أربعة عقود لم يكن هناك سوى ثلاث خدمات تلفزيونية (قناتا «بي بي سي» الأولى والثانية، والمستقلة «آي تي في»)، ولذا سميت القناة الرابعة.
وبعد انطلاقها بقليل بدأت خدمات سكاي، والكابل، والقناة الخامسة التجارية. ولذلك يجادل «الثاتشريون» بأنه لا حاجة لدعم الدولة اليوم، فمئات الخدمات متاحة بإريال التلفزيون، أو الكابل أو الأقمار الصناعية والإنترنت؛ ومعظمها يستقبل مجانياً، مثل «جي بي نيوز» (انطلقت في العام الماضي ومشاهدوها ما بين مليونين وثلاثة)، و«بلومبرغ» تقدم خدمات مالية واقتصادية، أو باشتراكات بضعة بنسات كالصحف القومية والمحلية، التي تبث خدمة تلفزيونية علي الإنترنت. أو باشتراكات معقولة كـ«أمازون» (12 مليون و700 ألف بريطاني مشترك بنصف قيمة رخصة «بي بي سي»)، و«نتفليكس» (مشتركوها 17 مليوناً ولا تزال ما بين نصف و70 في المائة من رخصة «بي بي سي»)، و«ياهو» و«تلفزيون أبل» (اثنان في المائة من سوق التلفزيون).
السؤال، من سيشتري القناة الرابعة؟
«آي تي في»، أو التلفزيون المستقل أكبر شبكة بث إذاعي وتلفزيوني تجارية في بريطانيا وتمتلك 13 من 15 منصة بث إقليمية في أنحاء المملكة المتحدة. «آي تي في» انطلقت في 1955 بصفتها خدمة تجارية تمول من الإعلانات، وكانت أصلاً أربع شركات مستقلة بخدمات تلفزيون مستقلة، أي أن لها تاريخاً في الاندماج بين الشركات حالياً ومنذ التوسع في الديجيتال (الخدمة الرقمية) تبث «آي تي في» على المستوى القومي عبر أربع قنوات مختلفة. وتستحوذ على 23.4 في المائة من المشاهدين البريطانيين.
«بارمونت» العالمية (فياكوم سابقاً)، الشركة الأميركية للمنوعات، تحظى بالاحترام هنا، فقد أنقذت القناة الخامسة التي أطلقت في 1997 (9.6 في المائة من المشاهدين) من الإفلاس بشرائها بـ759 مليون دولار في 2014 عبر شركتها الفرعية، «بارمونت المملكة المتحدة وأستراليا»، من ريتشارد ديزموند صاحب الصحف والمجلات كـ«الإكسبريس» و«الديلي ستار»، وكان اشتراها من شركة «آر تي إل» (مقرها لوكسمبورغ ولها 68 قناة تلفزيون و31 خدمة راديو في أنحاء أوروبا).
شراء القناة الرابعة سيضمن لـ«بارامونت» 20 في المائة من المشاهدين. هناك مرشحون آخرون كـ«ديسكفري» الأميركية المتخصصة في الوثائقيات الجادة منذ انطلاقها في 1985. لكنها أصبحت أكبر خدمة باشتراك مدفوع في أميركا لإذاعاتها قنوات الطقس، وأخبار المزارعين، وحركة تجارة لكل ولاية، و75 في المائة من البرامج التي تبثها لم يذع من قبل في أميركا. وهناك بالطبع «سكاي»، التي أطلقها في 1989. المليونير الأسترالي الأميركي روبرت ميردوخ - وبدأ ثورة تطوير الصحافة البريطانية في الثمانينات. وكان حاول شراء القناة الرابعة في 2014. ولا شك أنه يدرس سوقها بعناية، فبعد بيع «سكاي» في 2018 عاد اليوم لبريطانيا بقناة «توك تي في» (الأحاديث) وتنطلق يوم 25 من الشهر الحالي.
خصخصة القناة الرابعة، قد توفر بليوني دولار للخزانة، لكن من المشكوك فيه أن تدعم حرية التعبير وتنوعه؛ فهناك شبه غياب تام للحيادية والتنوع في كل الوسائل الصحافية في تغطيتها لقضايا كالحرب الروسية الأوكرانية، والبيئة مثلاً؛ فسيطرة مزاج هستيري على الرأي العام، يضطر التلفزيون التجاري لتلبية نزواته، حتى لا تهرب الإعلانات.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطاع الخاص وحرية التعبير القطاع الخاص وحرية التعبير



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab