أصل وصورة

أصل... وصورة

أصل... وصورة

 العرب اليوم -

أصل وصورة

بقلم - عادل درويش

لا نقصد بـ«أصل... وصورة» مسرحية الفنانين المتحدين المصرية قبل واحد وستين عاماً، رغم أن المسرحية تناول مضمونها ما نناقشه هذا الأسبوع، فيما يتعلق بدقة أو حقيقة ما ينشر. موضوع المسرحية كان عن «فبركة» مراسل كسول لخبر وصف فيه بالكلمات («صورة» من إلهام الشراب في خياله) عن وصول مهراجا هندي يحب «الملوخية» على متن فيله إلى القاهرة، بينما «الأصل» لم يحدث، إذ كان المهراجا لا يزال في الهند بعد إلغاء سفره. أما الصورة التي أثارت جدل الأسبوع في بريطانيا بسبب عدم مطابقتها للأصل، فصارت حديث الأسبوع قومياً ودولياً بعد إلغاء وكالات الأنباء والتصوير العالمية الخمس الكبرى نشرها.

الصورة بثها قصر كينسينغتون، مقر إقامة أمير ويلز وأسرته، للوكالات وعلى الموقع الرسمي للمقر، بمناسبة اليوم التقليدي للأمومة في بريطانيا (الأحد الماضي) تتوسط الصورة كاثرين أميرة ويلز جالسة محاطة بأولادها، الأمير جورج، والأميرة شارلوت، والأمير ليوي.

كان قصد المسؤولين عن مكتب ولي العهد، بالاستشارة طبعاً مع المكتب الصحافي لقصر باكنغهام، هو إبطال الشائعات والتكهنات حول صحة أميرة ويلز، التي لم تظهر في صور أو مناسبات رسمية منذ ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، عند إجرائها جراحة في البطن (لم يفصح القصر عن تفاصيلها)، وأنابت عنها آخرين وأخريات من الأسرة في مناسبات الجمعيات الخيرية والأعمال التي ترعاها؛ وحسب البيان الرسمي للقصر فليس من المتوقع عودتها للظهور قبل اكتمال شفائها قبل منتصف الشهر المقبل أبريل (نيسان) على أقل تقدير.

وكان ولي العهد قد ألغى ظهوره في أكثر من مناسبة في آخر لحظة وأناب عنه آخرين من الأسرة المالكة، ورددت الشائعات وقتها أنه اضطر للبقاء في منزل الأسرة بجانب زوجته كاثرين، بسبب تدهور حالتها الصحية.

وبعد أن وزعت الصورة، ونشرتها الصحف، وبثتها الشبكات (أخبار القصر وشعبية الأمير ويليام وزوجته كاثرين جعلته الخبر الأول من حيث طلب المستهلك الصحافي)، وتدقيق برنامج الذكاء الاصطناعي في ديسك الصور في الوكالات، قررت سحبها من التداول، بسبب «التلاعب ببرامج الرتوش».

والتهبت منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الصحف والبرامج التي تتفاعل مع القراء والمتفرجين، بمزيد من الشائعات عما إذا كانت كاثرين في منتصف الصورة موجودة فعلاً في الأصل في حديقة القصر؟

بالتدقيق بالفعل في الصورة تكتشف أنها مركبة من عدة صور، مما يعرف بالرتوش.

كاثرين نفسها أصدرت بياناً قالت فيه إنها كهاوية تصوير تستخدم البرامج الإلكترونية للصور مثل فوتوشوب وأبليكيشن (كثيرها متوفر على التليفونات الذكية) لوضع الرتوش وإعادة توزيع الظلال وغيرها لتجميل الصورة.

اسأل أي صحافي على ديسك الصور أو مصور محترف، أو حتى رب أسرة يلتقط الصور، لا بد بالطبع من الرتوش. فسواء كانت الأم أميرة ويلز أو جارتكم الست «أميرة»، كيف يمكن أن تضبط ثلاثة أطفال أن يقفوا ساكتين هادئين ويبتسمون في اللحظة نفسها عند التقاط الصورة؟

لا بد من الإصلاح الفني، وإلا وقفت لربع ساعة لا تتحرك أمام كاميرا الصندوق على أرجل خشبية على «البلاج» في الإسكندرية، ويوجهك المصور للنظر بشكل معين حتى يلتقط الصورة المناسبة؛ فقد كانت تكنولوجيا الكاميرا الصندوق بدائية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ومن حضر حفل زفاف عادياً سيتذكر كيف ينتظر الأهالي والأصدقاء كلٌ دوره حتى ينتهي المصور المحترف من التقاط صور العريس وعروسه، وهو يعيد كل «بوز» ويغير الزاوية وتظل الابتسامة العريضة جامدة على وجهيهما لدرجة تجعل العضلات غير قادرة على الابتسام ثانية طوال شهر العسل. ورغم الوقت والجهد الذي كرره المصور عند التقاط صور العروسين مع أفراد الأسرتين، ستنظر أم العروسة أو العريس إلى «بروفات» الصور وتصرخ في وجه المصور أن الصورة مغشوشة لأن الأصل أكثر جمالاً. وينسحب المصور إلى معمله، و«يحمد ربنا» على وجود برامج إلكترونية متقدمة تسحب وجه العروس المبتسم إلى صورة يظهر فيها العريس سعيداً وسيماً، والحماة من ثالثة تبدو فيها أكثر شباباً من العروس.

هل يدفن مسؤولو الوكالات أدمغتهم في الرمال؟ أم صدقوا الوهم الذي روجوه بأن صورة الأسرة الأكثر شعبية هي الأصل بلا رتوش؟

الغريزة المتراكمة في الوجدان الإنساني والعقل، الفردي والجماعي، منذ أن بدأ يسجل الأحداث على جدران المعابد المصرية والأشورية وينحت التماثيل اليونانية والرومانية، ويرسم لوحات عصر النهضة، من قبل اختراع التصوير الفوتوغرافي، كانت دائماً «الصورة» المنتقاة والمعدلة لتجميل «الأصل». الجدران التي سجلت أحداث عصر رمسيس الثاني، والموناليزا بفرشاة دافينشي، وتمثال ديفيد بأزميل مايكل أنجلو، والأميرة فوزية بكاميرا سيسيل بيتون على غلاف مجلة لايف، يجمعهم عامل مشترك: ما نراه من أعمالهم بعد رحيلهم بسنوات أو بقرون هي «الصورة» التي لخصت مشاعرهم بتفسيرهم «للأصل» في لحظة تسجيلهم للحدث، حتى ولو كانت حقبة كاملة.

arabstoday

GMT 03:47 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كلهم يستعدون لنظام عالمى جديد

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 04:20 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هفوات الزمن الكبير

GMT 03:53 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فاروق حسنى.. (شاهد شاف كل حاجة)!!

GMT 03:33 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصل وصورة أصل وصورة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 العرب اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان
 العرب اليوم - اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي
 العرب اليوم - عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

قائمة الفائزين بـ"جوائز الكرة الذهبية" 2024

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما

GMT 17:23 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة

GMT 02:00 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مقترح أميركي جديد لهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن

GMT 14:36 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يتخبّط في "أزمة حادة"

GMT 16:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عبده يفجّر مفاجأة لجمهوره بعد رحلة علاجه من السرطان

GMT 19:44 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إدانة خليجية جماعية للهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران

GMT 05:47 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تطلّ بالكوفية الفلسطينية في مهرجان الجونة

GMT 07:03 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقان لا ثالث لهما أمام إيران

GMT 17:07 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية

GMT 05:34 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 16:59 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري تعلن أسباب ابتعادها عن الساحة الفنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab