تراجع الاقتصاد البريطاني

تراجع الاقتصاد البريطاني

تراجع الاقتصاد البريطاني

 العرب اليوم -

تراجع الاقتصاد البريطاني

بقلم: عادل درويش

 

«الأرقام مخيبة للآمال»، اعترف السكرتير الصحافي لرئيس الحكومة، السير كير ستارمر أمس الأول؛ تعليقاً على تناقص الناتج القومي العام البريطاني، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي سلباً للشهر الثاني على التوالي. ورغم أنه عدّد الحوافز ونقاط اجتذاب الاستثمارات في السياسة الاقتصادية، فإن الأرقام تُشير إلى تناقص نسبة ثقة أصحاب الأعمال بقدرة الحكومة العمالية على إدارة الاقتصاد ومالية البلاد، من 66 في المائة فور نجاحها الكاسح في الانتخابات قبل 5 أشهر، إلى دون 20 في المائة هذا الشهر. الأسباب متعددة، وأحد أهمها، ما طرحه ميل سترايد، وزير مالية حكومة الظل، عندما ناشد وزيرة المالية والاقتصاد، راتشيل ريفز، تغيير سياستها قبل إلحاق مزيد من الأضرار بالبلاد، واتهمها، ورئيس الحكومة ستارمر، بالإساءة إلى سمعة الاقتصاد البريطاني، بترويج ادعاءات تخيف المستثمر من السوق البريطانية.

فكل من ستارمر ووزيرة ماليته عند مواجهة أيهما بما جاء في الميزانية من لوائح وسياسات ضريبية تخيف المستثمر، وتزيد من تكلفة الإنتاج، يتعمدان تحميل حكومة المحافظين السابقة المسؤولية، بترديد قائمة طويلة من الأحوال والنماذج الاقتصادية الفاشلة، وهذا بدوره، في قول سترايد ومراقبين اقتصاديين، يعطي انطباعاً سلبياً للأجانب ورؤوس الأموال بأن الاستثمار في بريطانيا يُشكل مجازفة غير مضمونة النتائج، وأيضاً تحذيراً سلبياً عن دون قصد لرجال الأعمال البريطانيين أنفسهم، فيترددون في التوسع، مساهمين في تجمد النمو الاقتصادي. كما أن الضرائب والرسوم التي جاءت بها الميزانية الجديدة تبتلع جانباً معتبراً من ميزانية المنشآت، فتضطر لاقتطاعه من الجانب المخصص للتوسع والنمو.

التحدي الأكبر المُعرقل لنمو الاقتصاد البريطاني مزدوج؛ أوله السياسة الاقتصادية والمالية من منطلق آيديولوجي أكثر منه استناداً إلى الواقع، فليس بين وزراء الحكومة أو الوزراء التحتيين شخص واحد له خبرة في مجالات الأعمال الحرة والاستثمارات والصناعة والتجارة أو حتى إدارة المحلات الصغيرة. ثانيه، السياسات التي أعلنها رئيس الحكومة، وتبدو شعارات أكثر منها خططاً مدروسة، وأكثرها طموحاً، أما عائدها فغير واضح، مع تكاليفها العالية أو المبالغ في أرقامها بشكل لا يصدق المستثمر إمكانية تحقيقها. النموذج الأول مثلاً، مشاريع توليد الطاقة الخضراء، التي يعد «العمال» بأن تُولَّد الطاقة الكهربية التي تحتاج إليها بريطانيا من مصادر متجددة أو نظيفة في عام 2030، في تصريح وزير الطاقة والتغير المناخي إدوارد ميليباند، الذي كان زعيماً لـ«العمال» 2010-2015. والتكاليف النهائية لهذه المشاريع غير واضحة، وتحتاج إلى دعم يضاف إلى فواتير استهلاك الطاقة، سواء للصناعة والتجارة أو المستهلك المنزلي. وزير الطاقة يدعي أن فاتورة الطاقة المنزلية «قد» (أي غير مؤكد) تنخفض بمعدل 300 جنيه (أي 16 في المائة من فاتورة الأسرة المتوسطة) سنوياً في 2030. كما أن الوزير نفسه اعترف بضرورة إبقاء محطات توليد تدار بالغاز في حالة عدم هبوب الرياح.

النموذج الثاني، مشروع بناء مليون ونصف المليون مسكن جديد في السنوات الأربع المقبلة، وذلك بفرض «كوتا» أو عدد من المساكن على كل بلدية ومجلس محلي في البلاد. ولأن ما يقوم بعملية البناء هي شركات القطاع الخاص بمناقصات تطرحها المجالس المحلية، فإن ممثلي شركات البناء -مثل ممثلي المجالس المحلية- يشككون في إمكانية الوصول حتى إلى ربع هذا الرقم.

فالعوائق قانونية، ومادية، واجتماعية، وثقافية. فقوانين التخطيط العامة والمحلية تمنع البناء على المساحات الخضراء (أي البساتين والحقول الزراعية والغابات والأشجار)، وتسمح فقط ببناء المساكن على ما يُعرف بالمساحات أو الأراضي البنية، والتسمية تعود إلى الاستعمال وليس اللون؛ أي مهجورة أو غير مستعملة، بوصفها مخازن قديمة أو ثكنات عسكرية وغيرها.

وزيرة الإسكان والمجتمعات والإدارة المحلية، أنجيلا راينر، أدخلت مصطلحاً جديداً (الأراضي الرمادية) للسماح بالبناء عليها، لكنها فشلت في تعريف المقصود. كما أن المساحات الخضراء ليست فقط للحفاظ على الطبيعة والهواء النقي، وإنما فاصل طبيعي بين المدن... المجالس المحلية تراودها الشكوك، فتمويل بناء المساكن وحده لا يكفي دون التوسع في وسائل المواصلات والخدمات، مثل المستشفيات وعيادات الأطباء والمدارس وساحات الرياضة. السكان المحليون يرفضون بناء المساكن الجديدة التي قد تزيد من الازدحام واختناقات المرور، ويلجأون للقضاء، ملوحين بقوانين الحفاظ على المساحات الخضراء وتوفير الخدمات، ما يمنع البلدية المحلية من إصدار ترخيص البناء للمقاولين الذين لن يستثمروا قبل إصدارها. شركات البناء أسهمت بـ124.4 مليار في الاقتصاد عام 2022، وانخفضت إلى 108 مليارات العام الماضي.

نموذجان لما ينتظر اقتصاد بريطانيا الداخلي في عهد حكومة «العمال».

arabstoday

GMT 02:53 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

هل دمشق الجديدة ضد محور إيران؟

GMT 02:52 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

البعثار

GMT 02:50 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

صدمة المالكي... والمسرحية والبيع

GMT 02:48 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

ماذا نفعل بهذه الجيوش «القويّة»؟

GMT 02:46 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

بيان العقَبة... فكّ رقبة

GMT 02:44 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 02:42 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا تقرّره القراءة الصحيحة للأحداث

GMT 02:39 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

سجون وشجون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تراجع الاقتصاد البريطاني تراجع الاقتصاد البريطاني



إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 13:15 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من ميادة الحناوي بعد سقوط نظام «الأسد»
 العرب اليوم - أول تعليق من ميادة الحناوي بعد سقوط نظام «الأسد»

GMT 10:00 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تنهار بالبكاء في حفل دبي

GMT 14:10 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

محكمة أمريكية ترفض وقف حظر تيك توك مؤقتًا

GMT 10:10 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أوكرانيا تعلن تدمير 56 طائرة مسيرة روسية

GMT 10:12 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

داعش يقتل 52 عسكريا و18 مدنيا في 6 هجمات بالبادية السورية

GMT 14:02 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

الليرة السورية تصعد أمام الدولار إلى مستوى 11500- 12500

GMT 09:02 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

مقتل أربعة من فيلق الشام في كمين في ريف اللاذقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab