بين أسانج و«ويكيليكس» والصحافيين

بين أسانج و«ويكيليكس» والصحافيين

بين أسانج و«ويكيليكس» والصحافيين

 العرب اليوم -

بين أسانج و«ويكيليكس» والصحافيين

بقلم: عادل درويش

ليوم ونصف اليوم تحوّلت الانتخابات العامة إلى خبر ثانوي في بريطانيا، لتفسح المجال حول تفاصيل رحلة جوليان أسانج -مؤسس «ويكيليكس»، التي تنشر الوثائق والمعلومات بطريقتها- من الحبس في سجن «بلمارش» البريطاني، إلى موطنه الأصلي أستراليا، ومثل سنواته الأربع عشرة الأخيرة، كانت محطاتها رمزية... من السجن منتظراً ترحيله إلى الولايات المتحدة بتهمة التجسس إلى سيبان -جزيرة صغيرة مجهولة في المحيط الهادئ- تتبع أميركا إدارياً، ليعترف أمام محكمتها بأنه مذنب؛ المشهد الذي قاومه لسنوات بصفته لاجئاً داخل سفارة إكوادور في لندن، ثم من السجن بقرار محكمة إنجليزية.

حملة عالمية دافعت عنه: مؤسسات مثل «هيومان رايتس ووتش» و«أمنستي إنترناشيونال»، واتحاد الحريات المدنية الأميركي، ومشاهير مثل نجمة «هوليوود» باميلا أندرسون، ومصممة الموضة العالمية الراحلة فيفيان ويستوود، وزعيم المعارضة البريطانية السابق جيرمي كوربين. في النهاية اتفق محاموه مع الادعاء الأميركي على أن يعترف بتهمة «اختراقه السجلات الإلكترونية لوزارة الدفاع، للحصول على معلومات تضر بأمن أميركا»، مقابل حكم مساوٍ للفترة التي قضاها في السجن البريطاني، فيُطلق سراحه فوراً. دفاع أسانج بـ«حرية التعبير» (المادة الأولى من الدستور الأميركي) لا يستقيم قانونياً ـ فأسانج ونشاطه غير أميركيين، كما أنه ليس صحافياً بالمعنى المعروف.

أسانج، مواليد أستراليا 1971. كان، بصفته تلميذاً، عبقرياً في اختراق شفرات لوغاريتمات البرمجة الإلكترونية، بسبب براعته في الرياضيات التي درسها مع الفيزياء، ما ساعده في برمجة الكومبيوتر.

وكان قد اشترك، في 1997 مع آخرين، من المهووسين باختراق شفرات الكومبيوتر، في تأليف كتاب «العالم الخفي: اختراق البرامج وجنون الهوس باجتياز الحدود الإلكترونية»، ويشرح توظيف الإنترنت ضد المؤسسات والأنظمة الحاكمة.

الكتاب حقّق مبيعات واسعة بين آلاف من «الهاكرز».

في عام 1995 اتُّهم مع زميل له باختراق برامج كومبيوتر خاصة بمؤسسات... واعترف بأنه «مذنب» في محاكمته، وغُرّم بضعة آلاف من الدولارات الأسترالية، بدلاً من عقوبة الحبس بعد التعهد بألّا يكرر ذلك. أسانج يحب لفت الأنظار، ويعد مهمته نبيلة بوصفه فارساً من العصور الوسطى غير عابئ بالقوانين، ما يجعله بطلاً للجماعات والتيارات الفوضوية. أسّس أسانج «ويكيليكس» في عام 2006 مع مجموعة مشابهة من المزاج نفسه، وهم بالعشرات ويعاونهم مئات حول العالم، ومعظمهم مجهولون وماهرون في التخفي الإلكتروني. اتسعت شهرته ومؤسسته في 2010 باختراق سجلات وزارة الدفاع الأميركية واكتشاف فيديو لهليكوبتر أميركية تطلق النار في العراق على مدنيين نشرتها بضع صحف، فطالب المدعي الأميركي من الإنتربول القبض عليه، وكانت تشيلسي مانينغ (جندية سابقة في الجيش الأميركي) قضت سبع سنوات في السجن (2010- 2017)، بتهمة توصيل أسرار وزارة الدفاع إلى «ويكيليكس». أسانج يضعنا بصفتنا صحافيين في مأزق، فواجبنا الدفاع عن حرية التعبير؛ ولكن للمهنة معايير وتقاليد لا يتبعها أسانج بصفته ناشطاً سياسياً بلا خبرة صحافية.

عندما خدمت وحدة الأمير هاري العسكرية في أفغانستان في 2007. زوّدت وزارة الدفاع الصحافيين بالتفاصيل، وشرحت أنه في حال معرفة الجماعات الإرهابية و«طالبان» بتفاصيل الوحدة التي يخدم فيها، ستصبح المجموعة هدفاً لكل إرهابيي العالم. وزارة الدفاع لم تطلب منا بصفتنا صحافيين عدم النشر، لكن الصحافيين تطوّعوا تلقائياً بعدم نشر الخبر. لذلك فـ«ويكيليكس» وأسانج يشكلان لنا، بصفتنا صحافيين، معضلة مهنية وأخلاقية. فمن ناحية، لا بد أن ندافع عن حرية التعبير، وحق المواطنين في معرفة المعلومات، خاصة التي تمتلكها الحكومات عن هذا المواطن وتؤثر في حياته؛ وبالتالي نستهجن ونرفض استخدام أجهزة بيروقراطية الدولة للتلويح بتهم مثل الجاسوسية ضد الفرد. وفي المقابل يمارس أسانج و«ويكيليكس» ما لا نمارسه بصفتنا صحافيين بمعايير المهنة.

نحرص على موازنة تقريرنا الصحافي بمسؤولية ألا نعرّض أحداً للخطر، وأحياناً نستشير المحامي في الديسك القانوني عما قد يعرّضنا لقضايا من المذكورة أسماؤهم، مع إعطائهم حق الرد. «ويكيليكس» مستمرة حتى في غياب أسانج، ومستمرة أيضاً معضلتنا المهنية معها.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين أسانج و«ويكيليكس» والصحافيين بين أسانج و«ويكيليكس» والصحافيين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab