ماسك و«تويتر» والذكاء الصناعي

ماسك و«تويتر» والذكاء الصناعي

ماسك و«تويتر» والذكاء الصناعي

 العرب اليوم -

ماسك و«تويتر» والذكاء الصناعي

بقلم - عادل درويش

تجربة أكبر صاروخ فضاء قبل يومين، وصفت «بنجاح»، وأيضاً «بفشل»، وفق رؤية محرري الوسيلة الصحافية لصاحب المشروع إيلون ماسك، وتغطيتها لتطويره «تويتر» بعد امتلاكها. فجدل أثير حول علامة «الصح» بجانب الحساب؛ (كتصحيح المعلم الإجابة). وتعني أن الحساب للشخص الحقيقي وليس مزيفاً أو تقليداً. العلامة مهمة للصحافيين، والمشاهير، والساسة، والمؤسسات العامة، كمصدر محدد لمعلومات وأخبار.
إدارة ماسك لـ«تويتر» مثيرة للجدل تستقطب التغطية الصحافية: التقليدية المحافظة والوسطية الداعمة لحرية التعبير في ناحية، ومقابلها المعاكس اليسارية الليبرالية الساعية لفرض رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. «تويتر» تحت إدارة ماسك دعت القادرين، والمؤسسات الثرية الرابحة، لدفع ثمانية دولارات اشتراكاً شهرياً للاحتفاظ بالعلامة الصح على حسابها «بي بي سي»، (لكل برنامج، وقناة، ومحطة راديو، وخدمة وإدارة حساب على «تويتر»، ناهيك عن مئات من الصحافيين والمذيعين العاملين فيها) رفضت أن تدفع الاشتراك الشهري (ثمانية دولارات) للاحتفاظ بالعلامة. وكانت «تويتر» قد رفعت العلامة نفسها من أمام حساب «نيويورك تايمز» قبل أسبوعين لرفض الصحيفة دفع الاشتراك. رغم تكهن البعض بدوافع ماسك، كتعويض خسائره بعد شرائه «تويتر» (استجابة لحكم قضائي) بثمن اتضح أنه أغلى كثيراً من قيمة المنصة الحقيقية، فإنه يبرر الاشتراك بمبلغ تافه لا يذكر، مقارنة بدخول المؤسسات الضخمة (فاق دخل «بي بي سي» في السنة المالية 2021 - 2022 ستة مليارات وستمائة مليون دولار، 71 في المائة منها من رخصة سنوية مباشرة يدفعها كل بيت إجبارياً للهيئة، والباقي مليار و890 مليون دولار من دعم من مؤسسات كالدولة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، وبيع حقوق البث عالمياً وتجارياً). ماسك يرى الاشتراك «عدالة توزيع» كدعم يمكّن «تويتر» من الإبقاء على العلامة أمام أسماء صحافيين ومفكرين وشخصيات لها قيمتها الفكرية والثقافية لمساهمتها في المجتمع، لكنها محدودة القدرة المالية.
ماسك في نزاع مع مؤسسات ليبرالية مثل «بي بي سي»، وصحافة الشمال الشرقي في الولايات المتحدة، وتثير الجدل بشأنه؛ فالصحافة المحافظة تدعم خطواته بإنهاء الحظر على حسابات كثيرة، خاصة بشأن التزامه بحرية التعبير، والمؤسسات اليسارية تضمه إلى قائمة المشاهير «المشيطنة»، كالرئيس السابق دونالد ترمب، وإمبراطور الصحافة روبرت ميردوخ، وزعماء حركة «بريكسيت» البريطانية، مثل بوريس جونسون، وزعيم حزب استقلال المملكة المتحدة السابق نايجل فاراج. الأمر لا يتعلق بـ«تويتر» فقط، وإنما يستحسن فحصه من منظور عدسات كالايدسكوبية (المنظور المشكالي) متعددة الأشكال والألوان. زوايا مثل سيطرة لوغاريتمات وبرمجة الذكاء الصناعي اليوم على منصات التواصل الاجتماعي، بل والتعبير اللغوي العام، ومفردات الحرب الثقافية الدائرة، ليس فقط على المستويات المحلية والقومية، بل على المستوى الدولي، ومن ثم تتداخل الصراعات العالمية وبدوره التنافس الاقتصادي فيها.
ما أقصده بدور الذكاء الصناعي هو جمع معلومات تشغل معادلات لوغاريتمية تأتي بتعريفات وتقسيمات بقدر ما أتاح لها المبرمجون، أو حسب منافذ الإطلال على مصادر المعلومات التي حددوها.
فقبل أسبوع كان هناك جدل بين ماسك و«بي بي سي»، عندما وضعت لوغاريتمات «تويتر»، معلومة إضافية على واحد فقط من حسابات الهيئة (الخدمة العالمية) بما معناه أن مصدرها المالي حكومي. الهيئة احتجت بأنها قانونياً مستقلة عن الحكومة، ولا يستطيع رئيس الوزراء التأثير عليها، لكن عملياً معظم ميزانية الهيئة من رخصة تدفع إجبارياً بقانون تنفذه الحكومة بقوة أدواتها (التغريم وأحياناً الحبس لمخالفة عدم الدفع أي المحكمة والبوليس). الملاحظة هنا أن خيارات اللوغاريتمات ليس فيه نموذج «تمويل مباشر من الشعب عن طريق الرخصة» وإنما خيارات مثل «تمويل حكومي»، «اشتراك شهري بالكابل» أو «شركة خاصة»... إلخ.
وهي مثلاً شكوى كثير من الأقليات، سواء العرقية أو الاجتماعية عند ملء استمارات تتعلق بحياتهم اليومية، وأكثرها رقمية صممها الذكاء الصناعي، ولا خانة محددة خاصة بهم.
الملاحظ مثلاً أن ماسك - الذي فاجأ «بي بي سي» بإجراء مقابلة وجهاً لوجه مع مراسلهم لشؤون التكنولوجيا الإلكترونية في منطقة وادي السيليكون - تمكن بمهارة هادئة من توظيف جدل مراسل الهيئة ومطالبتها له بضرورة التدقيق في الألفاظ القانونية واللغوية (أي مسألة التمويل ومصدره) في قلب الموقف لصالحه، وتحول المراسل من مهاجم قوي إلى مدافع محاصر يحاول الخروج من مأزق. ولو أتيح لي فرصة تدريب المراسلين على فن المقابلة الصحافية مع الشخصيات الشهيرة المثيرة للجدل، لدرست لهم فيدو المقابلة لتجنب الأسلوب الذي اتبعه المراسل. فقد بدأ الأخير المقابلة بهجومه على ماسك – الذي كان أعاد الكثير من الحسابات التي شطبها الذكاء الصناعي من «تويتر» (ومعظمهم بالمناسبة من الاتجاه المحافظين) بسبب شكاوى اليساريين - بحجة أنها «خطاب كراهية».
ماسك، عدة مرات، طلب من المراسل أن يذكر مثالاً واحداً أو تغريدة من نشاط منصة «تويتر» كنموذج «لخطاب الكراهية». وفي النهاية عجز المراسل عن تقديم الدليل، واعتذر بأنه لم يستخدم «تويتر»، ولم يقرأ التعليقات لفترة طويلة. لا أقصد بالطبع انتقاد زميل مهنة، أو أنه ذهب لمقابلة شخصية مهمة بلا إعداد ملفاته كاملة، وإنما المقصود أنه حبس نفسه في إطار ذهني ضيق، نظرته للموضوع في نفق التفكير الجمعي لـ«بي بي سي»، بنظرة مسبوقة وضعت «تويتر» - تحت الإدارة الجديدة - في القائمة المشيطنة أعلاه.

برمجة الذكاء الصناعي (وهو يحتاج موضوعاً آخر قائماً بذاته) تعكس الموضة الفكرية العالمية السائدة اليوم، من منظور البيئة ورفض البريكسيت، ومناهضة التقاليد المحافظة وبقية الأفكار الليبرالية اليسارية السائدة، حتى إذا كان المبرمجون أنفسهم غير مسيسين.
فمثلاً هيئات مثل «سي إن إن»، و«سكاي»، و«بي بي سي» نفسها يلصق محرروها بوعي كامل (وليس لوغاريتمات الذكاء الصناعي) لافتات سلبية، لمن لا يعزف من نوتتهم الموسيقية؛ فاحتجاج مواطنين عاديين من طبقة عاملة كسائقي «أوبر»، وعمال الإصلاح وسياراتهم ضرورية لنقل أدواتهم، وممرضات المهن الحرة، والأمهات العاملات، ضد قرار عمدة لندن بفرض ضريبة يومية على السيارات التي يزيد عمرها عن 10 سنوات (الذي رفضه ثلاثة أرباع سكان المنطقة في استفتاء لهم) وصفته مذيعة «بي بي سي» بـ«مظاهرات اليمين المتطرف»، في النشرة نفسها، التي احتجت فيها الهيئة على توصيف «تويتر» بأنها «ممولة بدعم الحكومة»!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماسك و«تويتر» والذكاء الصناعي ماسك و«تويتر» والذكاء الصناعي



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab