ما وراء الاحتجاجات في مدن بريطانيا

ما وراء الاحتجاجات في مدن بريطانيا

ما وراء الاحتجاجات في مدن بريطانيا

 العرب اليوم -

ما وراء الاحتجاجات في مدن بريطانيا

بقلم: عادل درويش

الاحتجاجات التي شهدتها مدن بريطانيا، واتخذ بعضها طابع العنف، دفعت رئيس الوزراء السير كير ستارمر لاستدعاء مراسلي الصحافة، مساء الخميس، أثناء العطلة السنوية البرلمانية، لمخاطبة الأمة والرأي العام في مؤتمر بُثَّ مباشرةً. ستارمر، وكان فرغ لتوه من اجتماعه برؤساء مفوضيات البوليس الذين استدعاهم من المقاطعات التي شهدت المظاهرات العنيفة، اتهم المحتجين بالانتماء لـ«اليمين المتطرف» (بلا تقديم تعريف محدد له)، ووعد باتخاذ إجراءات بوليسية الطابع، وأخرى مع شركات منصات التواصل الاجتماعي التي أدَّى تبادلُ منشورات غير دقيقة ومضللة عبرها إلى خلق جو أثار الاحتجاجات.

الحوار الدائر بيننا، سواء المغلق بعد المؤتمر الصحافي، أو العلني كصحافيين ومعلقين على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، وفي البرامج الإذاعية والتلفزيونية، التي يشارك فيها المستمعون عبر وسائل الاتصال المختلفة، دفعني إلى التركيز على ملحوظات، تهم قراءنا؛ خصوصاً وأن بينهم من اختبر في بلاده النتائج المترتبة على إجراءات تشبه اقتراحات الزعيم البريطاني: الرقابة الانتقائية على منصات التواصل الاجتماعي، ومنح البوليس صلاحيات لتصوير المعروفين بميولهم اليمينية والعنصرية أو بترويج معلومات كاذبة أو قد تؤدي للعنف، لإدراجهم في سجلات لمنعهم من السفر والتنقل إلى مدن أخرى بغرض التظاهر كما حدث مع المشاغبين من مشجعي كرة القدم، إذ «كانت حكومة توني بلير الأولى بدأت في 2000 تطبيق قوانين مصادرة أوراق سفر المشاغبين ومنعهم من السفر لحضور مباريات عقب تصويرهم متلبسين بإثارة المتاعب». وأدت وقتها لاحتجاجات المنظمات الحقوقية واتحاد المحامين البريطانيين لانتهاكها ثوابت كـ«الماغنا كارتا» أقدم وثائق ضمان الديمقراطية التي تكفل حرية التنقل والتعبير.

أولى الملحوظات أن أهم أسباب انفلات الموقف كان تباطؤ المسؤولين في نشر التفاصيل الحقيقية لحادثة اعتداء مراهق في السابعة عشرة بسكين على فصل موسيقى للأطفال أدى إلى مصرع ثلاث بنات دون التاسعة من العمر وجرح عشرة آخرين. ولأن المتهم دون السن القانونية، لم تنشر هويته بعد القبض عليه، لكن مفوضية البوليس فاتها سرعة تناقل الأنباء على شبكات التواصل الاجتماعي التي امتلأت بشائعات مزيفة، ادعت خطأً أن المتهم مسلم ومهاجر غير شرعي عبر بحر المانش. الحقيقة التي نشرتها المفوضية المسؤولة، لكن بعد فوات الأوان، أنه ليس مسلماً أو مهاجراً وإنما من مواليد إمارة ويلز لأبوين من رواندا.

الملحوظة الأخرى المقلقة أن الإجراءات التي يريد رئيس الحكومة اتخاذها (بجانب مشكلات تعريض حكومته لقضايا في المحاكم لا شك سترفعها المنظمات الحقوقية) قد تعالج أعراض ظاهرة مرضية تنتشر في المجتمع، لكنه يتجاهل الأسباب الأكثر عمقاً التي أدت إلى تغريب شرائح من المجتمع، خصوصاً من الطبقات الأقل حظاً اقتصادياً، عن الحوار القومي الدائر في الوسائل الصحافية أو حتى في قاعة البرلمان ولجانه (مجلس العموم معطل في الإجازة الصيفية حتى الشهر المقبل) لأن الحوار محدد بأجندة المؤسسة الليبرالية التي تتجاهل أولويات الطبقة العاملة والفئات المهمشة الغاضبة من تدهور الخدمات والبطالة وأزمة تغير المجتمع المألوف بازدياد الهجرة، وبدأت تفقد الثقة بالممارسة الديمقراطية، إذ لا يفي الساسة بوعودهم بعد تبدل الحكومة عبر صندوق الاقتراع. هذه الفئات شاهدت على الشاشات المؤتمر الصحافي لرئيس الوزراء عندما تجاهل مراسلي الوسائل الصحافية التي تطرح أسئلة عن همومهم ومشكلاتهم الحقيقية، ويتجاهلها سياق تغطية الشبكات الكبرى التي اكتفى ستارمر بإجابة مراسليها. تركيز أخبار الشبكات الكبرى كان على مظاهرة عنيفة واشتباكات مع البوليس الذي حال دون محاولة متطرفين مهاجمة جامع إسلامي في بلدة سوثبورت (شمال ميناء ليفربول) التي شهدت حادثة مصرع الأطفال، لكن كانت هناك مظاهرات أخرى، إحداها أمام مقر رئيس الحكومة نفسه في ويتهول، وبعضها في مدن أخرى أمام فنادق ومبانٍ نزل بها الوافدون بالقوارب على نفقة البلديات المحلية التي تنقص الخدمات والإسكان واحتياجات السكان من دافعي الضرائب. ورغم وجود عدد معتبر من مثيري المتاعب والمعروفين بعنصريتهم وكراهية الأجانب، فإن الاحتجاجات شملت أعداداً كبيرة من السكان المحليين اللامنتمين لتيارات سياسية، منهم أسر وأمهات بلافتات احتجاج أمام فنادق المهاجرين. قلق هذه المجموعة المسالمة (سواء حقيقية أو هواجس) مصدره أن السواد الأعظم من الوافدين بالقوارب هم ذكور في سن الخدمة العسكرية من بيئات أجنبية. لكن تجاهل هموم المواطنين المسالمين غير المسيسين بوصف الاحتجاجات بكليشيهات مثل «عناصر مندسة» أو «تآمر اليمين المتطرف»، قد تؤدي إلى تمكن منظمات ذات أغراض غير حميدة من اجتذاب المواطن العادي إلى صفوفهم بشعارات ديماغوغية.

arabstoday

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 04:20 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هفوات الزمن الكبير

GMT 03:53 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فاروق حسنى.. (شاهد شاف كل حاجة)!!

GMT 03:33 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 03:31 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والحظ التّعِسْ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء الاحتجاجات في مدن بريطانيا ما وراء الاحتجاجات في مدن بريطانيا



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان
 العرب اليوم - اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي
 العرب اليوم - عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

قائمة الفائزين بـ"جوائز الكرة الذهبية" 2024

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما

GMT 17:23 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة

GMT 02:00 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مقترح أميركي جديد لهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن

GMT 14:36 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يتخبّط في "أزمة حادة"

GMT 16:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عبده يفجّر مفاجأة لجمهوره بعد رحلة علاجه من السرطان

GMT 19:44 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إدانة خليجية جماعية للهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران

GMT 05:47 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تطلّ بالكوفية الفلسطينية في مهرجان الجونة

GMT 07:03 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقان لا ثالث لهما أمام إيران

GMT 17:07 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab