بقلم : محمد أمين
أعود من جديد إلى كتاب الدكتور حسام بدراوى «حوارات حول الجمهورية الجديدة».. وأستغرب أنه لم يذكر شيئًا عن الإعلام فى رؤيته لمصر الجديدة.. ربما ليس لديه نظرية حاضرة، ولا رؤية جاهزة للإعلام أو ممن ينشغل به؟!.. صحيح إذا سألتَه خارج رؤيته فلن يُقلل من دور الإعلام فى التغيير الوجدانى والسلوكى للمجتمع، وقد يراه مسألة مهمة جدًّا لإحداث ذلك التغيير، ولكن جَلَّ مَن لا يسْهُو، فيمكن أن يتدارك الأمر لو أراد تقديم رؤية متكاملة لقضية مصر!.
وفى الحقيقة لم أتحمس لرؤية «بدراوى» كأنى أوقع له على بياض، فالكاتب لا يوقع على بياض لأحد.. ومن حق الكاتب أن يعود فينتقد ما كتبه بنفسه، أو سقط منه سهوًا.. فمن الجائز أن «بدراوى» لا يريد أن يدخل فى حدائق الشيطان أو حدائق الشوك.. ولكنه لم يشرح لنا كيفية التغيير السلوكى والوجدانى للمجتمع!.
فلا أظن ان الإعلام قضية تافهة أو ثانوية فى الجمهورية الجديدة، فهو الذى سيُظهر صورة مصر ويقدمها للعالم.. على أى حال، بين يدىَّ حكم رصين، أصدرته المحكمة «الإدارية العليا» حول علاقة الإعلام بالمجتمع.. وأكدت المحكمة ضرورة تغيير الخطاب الإعلامى، فيجب ألّا تظل وسائل الإعلام حبيسة أدوار تقليدية نمطية، وشددت المحكمة على تغيير الخطاب الإعلامى لحماية الأمن القومى للبلاد، وحماية حق المواطن فى نقد السلبيات أيضًا!.
وقالت المحكمة، برئاسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، إن الخطاب الإعلامى ممارسة اجتماعية قابلة للتغيير والتطوير كسائر الممارسات القائمة فى المجتمع.. والمحكمة تنظر إلى الإعلام بعين متوازنة، فترى أهمية ذكر الإيجابيات وفى الوقت نفسه الإشارة إلى السلبيات بهدف إيجاد حلول رسمية لها!.
وهى نظرة تستحق الإعجاب والتقدير.. فلا يمكن أن تكتب الصحافة فى الإيجابيات فقط، فساعتها ستتحول الصحافة إلى نشرة حكومية.. ولا يمكن أن يركز الإعلام أو الصحافة على السلبيات فقط لأنها ستصبح صحافة معارضة أو معادية!.
وطبقًا للمعلومات المتاحة حتى الآن، لا توجد ورقة إعلامية أمام الأمانة العامة للحوار الوطنى بحجة أن الإعلام له مجالسه التى تناقش قضاياه.. فمَن يُعيد تصحيح أوضاع ومشكلات الإعلام؟.. هل يُعيده مَن صنع المشكلات؟.. هل يُعقل هذا؟!.
نحن نريد أن ننتهز فرصة الحوار لنعالج الأدواء التى أصابت الإعلام فى مقتل.. وأصبحت لدينا وسائل إعلام متعددة الملكية والإدارة والهوى.. وكلها ذات محتوى واحد تقريبًا، فكيف حدث ذلك وكيف وصلنا إلى هذا المستوى؟.. طالبت المحكمة بأهمية التنوع لمصلحة البلاد، ولمصلحة الإعلام نفسه حتى لا ينصرف الجمهور عن الرسالة الإعلامية، وتضيع المليارات دون تغيير المجتمع أو وصول الرسالة!.