بقلم : محمد أمين
كان الأستاذ عباس الطرابيلى، رحمه الله، يكتب مقالًا بعنوان لكل المصريين.. وأستعير منه هذا العنوان اليوم. فرصة أن أذكره فى شم النسيم، وفرصة أن أذكر عشقه للأسماك بأنواعها طازجة ومملحة وفسيخًا ورنجة بلا حدود.. أقدم التهنئة لكل المصريين بمناسبة شم النسيم.. فهو عيد وطنى وعطلة وطنية مصرية، بمناسبة بداية فصل الربيع، حيث نشأ من مهرجان شمو المصرى القديم!.
يقع شم النسيم دائمًا فى اليوم التالى لعيد الفصح المسيحى الشرقى (اتباعًا لتقاليد أكبر طائفة مسيحية فى البلاد، القبطية الأرثوذكسية).. على الرغم من موعده المرتبط بالمسيحية، يُعد شم النسيم عطلة يحتفل بها المصريون من كل الأديان، لذلك فهو يُعتبر أكبر مهرجان وطنى وليس مهرجانًا دينيًّا!.
يقضى الناس طوال اليوم فى التنزه فى المتنزهات والحدائق الخضراء والحدائق العامة على النيل أو فى حديقة الحيوان أو المزارع.. والطعام التقليدى الذى يتم تناوله فى هذا اليوم يتكون أساسًا من الفسيخ (بورى رمادى مملح مجفف) والخس والبصل الأخضر والترمس والبيض المسلوق الملون!.
يتم الاحتفال بهذا المهرجان على المستوى الوطنى من جانب جميع المصريين منذ العصور القديمة، ويعود تاريخه إلى العصور المصرية القديمة، حيث كان مرتبطًا بالخلفية الزراعية عند قدماء المصريين، والتى نشأت من شمو!.
احتفل المصريون بشم النسيم لأول مرة خلال العصر المصرى القديم (حوالى 2700 قبل الميلاد).. واستمروا فى الاحتفال به خلال العصر البطلمى والعصر الرومانى والعصور الوسطى حتى يومنا هذا. وفقًا للسجلات اعتاد المصريون القدماء تقديم الأسماك المملحة والخس والبصل لآلهتهم خلال عيد الربيع المعروف باسم شمو: ثبات العيد بعد تنصير مصر عيد الفصح.
بمرور الوقت، تحول شمو إلى شكله الحالى وتاريخه الحالى. يتم تحديد تاريخ عيد الفصح، وبالتالى يوم اثنين الفصح، وفقًا لطريقة الحساب المسيحية الشرقية التى تستخدمها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهى أكبر طائفة مسيحية فى البلاد!.
الخلاصة أنه عيد مصرى خالص وليس عيدًا مسيحيًّا، فكل المصريين أقباط وليس كل الأقباط مسيحيين.. ولقد لعب المصريون المسيحيون بلا شك دورًا فى الحفاظ على المهرجان من خلال وكالتهم الثقافية، التى كانت محدودة جدًّا بعد اعتناق الإسلام فى مصر، لكن لا يمكن اعتبار ذلك سببًا فى احتفال المصريين المسلمين جماعيًّا بالعيد. بالضبط نفس تقاليد الاحتفالات المصرية القديمة، بالإضافة إلى أنه إذا كان المصريون المسلمون ينظرون إلى المهرجان على أنه من أصول مسيحية أو يحتفل به المسيحيون فقط، لكانوا قد توقفوا عن الاحتفال به!.