بقلم : محمد أمين
كتبت منذ أيام مقالًا على لسان الدكتور أحمد زويل يقول فيه إن أمريكا أعطته مناخ الحرية وحرية الإبداع.. ووفرت له أسباب التفوق، وكان محظوظًا بالفعل.. وتقتضينى الأمانة أن أقول: إن أمريكا التى عاش فيها زويل غيرها الآن فى عصر الرئيس ترامب، والإجراءات القمعية!
عرفنا الآن أمريكا التى تسمح بترحيل البروفيسور والباحث الهندى بدر خان سورى، وهو يحمل إقامة دائمة فى أمريكا، ويعمل أستاذًا فى جامعة جورج تاون.. تم اتخاذ قرارات الترحيل بسبب رفضه الإبادة الجماعية وارتباطه بغزة عن طريق زوجته الفلسطينية، ومعاداة السامية، واتهمته وزارة الأمن الداخلى اتهامات جزافية، تزعم صلته بحماس!
ويمكن أن تقرأ عناوين أخرى كثيرة فى الموضوع نفسه.. منها ترحيل طالبة وترحيل أستاذ جامعى والقبض على ركاب فى المطار، وترحيل طبيبة لبنانية لديها تأشيرة صالحة والسبب كتابة تقارير فيها تقول إنها كانت تدعم زعيم حزب الله.. وهكذا أصبحت أمريكا تحكمها تقارير الأمن، وتحكم عمل الأساتذة والطلاب فى الجامعات، كأنها دولة من العالم الثالث.. يا خسارة أمريكا، فهل يُعقل أن يقوم بلد الحريات والديمقراطية بقمع المتظاهرين والقبض عليهم لأنهم يؤيدون غزة ضد إسرائيل؟.. وهل يُعقل أن يتم التهديد بترحيل المقيمين لأنهم يؤيدون فلسطين؟.. كيف أصبح رئيس أمريكا واحدًا من زعماء العالم الذين لا يؤمنون بالحرية ولا الديمقراطية؟!
السؤال: لماذا غضبت المتحدثة باسم البيت الأبيض من أن نائبًا فرنسيًا فى البرلمان الأوروبى طالب باستعادة تمثال الحرية لأن أمريكا لم تعد تمثل القيم التى آمن بها؟ ولماذا قابلت الرأى الحر بوصلة من الردح؟.. وقالت: لولا أمريكا لكانت فرنسا تتكلم ألمانى حتى اليوم، أى أنها كانت محتلة من ألمانيا حتى الآن؟.. إن ما يحدث يضر أمريكا فى العقود القادمة ويضرب المبادئ التى حرصت على نشرها وتأكيدها حول العالم ويجعلها دولة إفريقية.. للأسف!
لو عاش الدكتور زويل وقرأ عن أخبار القبض والترحيل لشعر بالحرج من شهادته فى حق أمريكا بأنها أعطته الحرية ومناخ العلم، أو لقام بتعديل شهادته أن أمريكا زمان غير أمريكا الآن، وأنها انقلبت على مبادئها التى نشرتها فى العالم وأنها بدأت تتخذ إجراءات قمعية رجعية لم يسمع بها الأولون، ولا تعرفها الجامعات فى عصرها الذهبى!
وللأسف فإن أمريكا التى كانت تروج للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لم تعد تؤمن بكل هذا، ولا بحق الناس فى التنقل والسفر وأصبحت تحارب المهاجرين وتطاردهم ولا تؤمن بالحق فى العلم والعلاج ولا حقوق الإنسان وتشجع الإبادة الجماعية، وتعتدى على سيادة الدول وتخوض حرب الرسوم الجمركية ضد الدول المنافسة والحليفة على السواء!
السؤال: ماذا حدث لأمريكا فى عدة شهور؟.. وهل هذا يهدد أمريكا فى العقود القادمة؟!