بقلم : محمد أمين
لا تجد أحدًا الآن يمشى إلا وفى يده موبايل وفى اليد الأخرى شاحن الموبايل.. هو جاهز ومستعد لأى ظروف استثنائية طارئة.. فهل تَذَكر الذين يريدون شحن الموبايل أن يشحنوا بطاريتهم وأنفسهم بالطاقة الإيجابية؟.. هل فكر هؤلاء فى الخروج آخر الأسبوع لأى مكان لتغيير جو.. هل فكروا فى تغيير مكان قعدتهم حتى من قبيل التجديد.. مهم للإنسان أن يغير المكان والزمان.. كلنا يتذكر الشاعر البدوى الذى جاء يمدح الأمير فقال له أنت كالكلب فى وفائك بالعهد وكالتيس فى قرع الخطوب.. أنت كالدلو لا عدمناك دلوًا من كثير العطا قليل الذنوب. فهَمَّ الحاشية ليضربوا عنقه.. مع أنه كان يمدح الأمير فعلًا ولا يذمه!.
قال لهم الأمير اتركوه وخلوا عنه.. هذه هى بيئة الشاعر وأدواته.. اجعلوا له قصرًا فى المدينة ليعيش فيه، وشيئًا فشيئًا تغيرت لغة الشاعر وأدواته من البداوة إلى الحضارة.. فكتب كلامًا مختلفًا.. قال الشاعر عندما تبدلت حاله: عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدرى ولا أدرى.. استحسن الأمير شعره بعد الكلب والتيس والدلو.. ومعناه أن البيئة لها فعل السحر.. فهناك مَن يكتب عن الحياة الحلوة والجنة ونعيمها ومَن يكتب عن الجوع والمرضى والمُهمَّشين. ساعِدوا الناس على تغيير البيئة وتغيير مفرداتها من البادية إلى الحضارة ومن الجحيم إلى الجنة!.
فكِّروا فى الخروج إلى البساتين والخروج إلى الشواطئ لترق حياتكم ولغتكم.. وساعِدوا الناس أن تعيش فى بحبوحة بدلًا من كتم الأنفاس!.
اعملوا برامج ترفيهية للشعب ليخرج من الأزمة الضاغطة، واعملوا برامج للترفيه عن الصحفيين.. ليس لكى يتغزلوا فى عيون المها والرصافة والجسر ولكن للتخفيف عنهم من عذابات الحياة!.
تدبروا تصرف الأمير مع الشاعر البدوى، الذى لم يأخذ برأى حاشيته، وإنما تعامل بالعقل والمنطق ووفّر حياة رخية هنِيّة فكتب من مفرداتها، فلم يعاقبه على الكلب والتيس والدلو.. وهذه هى الحكمة!.
الكاتب ابن بيئته والشاعر أيضًا.. فاجعلوا الحياة حلوة، وثِقوا فى قدرة الله التبديل من حال إلى حال، ولا تيأسوا، فالفرج قريب!.