بقلم : محمد أمين
أهدانى الأستاذ رجب البنا كتابه الجديد، أو مذكراته التى وضع لها عنوانًا باسم «ذكريات أيام حلوة وسنوات ضائعة».. وهو تجربة إنسانية تستحق القراءة والاقتناء لتعود إليه من وقت لآخر.. فالرجل عايش وعاصر ذكريات كثيرة فى بلاط صاحبة الجلالة، وقابل شخصيات كل منها يستحق أن يروى عنها ذكريات ومذكرات، وكنت قد طالبته بكتابة مذكراته وأيامه، قال سأفعل، ولكننى لا أتصور أنه كتب مذكراته بناء على طلب منى أو رغبة فى القراءة، فهذه المذكرات تختلف عما كنت قد طلبتها منه، هذه سيرة ومسيرة حياته!.
والأستاذ رجب يرى أن كل إنسان يمكن أن يروى قصة حياته، وليس شرطًا أن يكون من أبطال التاريخ أو من الحاصلين على «نوبل» فى الأدب أو الفيزياء. لا يُشترط ان يكون الكاتب نجيب محفوظ أو «زويل» ليكتب قصة حياته، فإن قصة حياة كل إنسان، حتى لو كان متسولًا أو مجرمًا، فيها تجربة، كما أن حياة الأبطال وتجاربهم تستحق أن يرويها كل منهم، وقد تكون قصة حياة كل إنسان قصة مسلية، أو فيها دروس نتعلم من أخطائها ومن فشلها كما نتعلم من إنجازاتها ونجاحاتها، ومن هنا تأتى المتعة والاستفادة، وتأتى قيمة المعرفة بتجارب الآخرين!.
ويقول: «هذا هو شعورى بعد أن تجاوزت الثمانين، ولم يتبقَّ لى إلا ذكريات الأيام الجميلة والسنوات الضائعة التى مرت كلمح البصر، وتذكرت الروائى العظيم جابرييل جارثيا ماركيز، وكتابه المشهور (نعيشها لنرويها)، الذى قال فيه إن حياة كل إنسان قصة تستحق أن يرويها، حتى لو لم يكن من أبطال التاريخ؛ لأن قصة كل إنسان هى تجربة حياة، ربما يكون فيها ما يفيد، وربما تجعل القارئ يعيش حياة ثانية، ويجد فيها درسًا من دروس الحياة»!.
فى عام ١٩٣٦، بدأت رحلة حياته، وفى هذا العام تم توقيع معاهدة ٣٦ الشهيرة، وكانت خطوة نحو الاستقلال بسحب القوات البريطانية المنتشرة فى أنحاء البلاد.. ويقول إن هذا العام شهد أحداثًا تاريخية، حيث قامت فيه الثورة الفلسطينية الكبرى ضد المخطط الصهيونى الاستعمارى.. وفى هذا العام، كانت وفاة الملك فؤاد، ملك مصر، وإعلان ولى العهد، «فاروق»، ملكًا على مصر والسودان.. حياة حافلة، أطال الله فى عمره، عاشها فى مدينة دمنهور، التى كانت مدينة الأدب والفن والعلوم، ومن أبنائها الدكتور أحمد زويل، الذى حصل على «نوبل» فى الفيزياء، والشاعر الكبير فاروق جويدة، والسياسى الكبير مصطفى الفقى، والدكتور عبدالوهاب المسيرى!.