بقلم : محمد أمين
كنا ننتظر رمضان بالفعل ونتابع التليفزيون، ونشاهد الدراما الاجتماعية والتاريخية.. ونتابع الفوازير الجادة والهادفة، وكان هناك جزء خاص بالفكاهة والابتسامة والكاميرا الخفية، ونضحك ونتسلى.. حتى غلبت الفوازير على شهر الصيام!
وكما بحثت الفضائيات عن الفوازير بحثت عنها الصحف أيضًا.. ورصدت جوائز لمَن يحل الفوازير. وانتقد الكثيرون هذا الاتجاه وتساءلوا: هل هو شهر الصيام أم الفوازير؟.. وبمرور الوقت سكت صوت الفوازير وبدأت المقالب.. ولم تفلح الدولة فى مواجهة قنوات المقالب بدعوى أنها عربية ولا سلطان للوزارة عليها!.
وبدأ مجلس الإعلام يحارب المقالب لأنها ضد التقاليد والعادات والقيم العائلية والأسرية.. ولم يفلح فى إيقافها، فبدأ يطالب الجماهير بالمقاطعة!.
للأسف، لم تعد هناك قصص ملهمة ولا كتابة درامية ترفع منسوب الوعى، وتؤثر فى الجماهير، ولكنها قصص مبتذلة ومُغرقة فى السوقية، تستخدم السيوف والسنج والكرابيج وشغل البلطجة.. وحين يذكر البعض قصة ملهمة يقدمون قصة سيدة اشتغلت عاملة فى كلية الطب تمسح الأرضيات والسلالم!.
والجديد فيها أنها ربّت ابنها الذى التحق بكلية الطب وتخرج فى نفس الكلية، وسط تنمر الزملاء عليه، وهو لا يشعر بالخجل من أمه.. فهل كان السؤال أن يلتحق الطالب بكلية أخرى؟.. أم كان السؤال أن تترك أمه العمل وتجلس فى بيتها.. ولكنها لم تفعل هذا؟!.
الإلهام ليس هكذا وليست هذه هى الحكاية.. الحكاية أن هذه العاملة التى تمسح الأرض والسلالم بدأت الدراسة من جديد ودخلت كلية الطب، وتخرجت فى الكلية التى اشتغلت فيها عاملة، فى نفس سنة تخرج ابنها.. هذه قصة تصلح أن تكون دراما رمضانية نتابعها ونأخذ منها الإلهام ونتعلم منها أن العمل ليس عيبًا ولا يجعل صاحبته تشعر بالخجل والعار!.
نحن فى الدراما لا ننقل الواقع ولا نكتب سيرة شخصية.. نحن نقدم معالجة فنية لقصص فى الواقع، والمعالجة الفنية تقتضى الإضافات من هنا وهناك، وهى رؤية كاتب ومخرج فى النهاية.. لا أقصد تجميل الصورة، ولكن تقديم قصة ملهمة تفيد المشاهد، وتقدم قيمة اجتماعية يمكن الاستفادة منها!.
ساعتها يمكن أن نعود من جديد لنجلس أمام الشاشة الصغيرة ونتسلى ونستفيد معًا.. ونخرج من سياق البلطجة إلى سياق آخر، نعود به إلى الدراما التليفزيونية التى شكّلت الوجدان العام!.