بقلم : محمد أمين
أشعر بحزن شديد على ما جرى فى العراق من فوضى وانهيار أمنى، واقتحام قصر الرئيس العراقى، وسقوط المؤسسات.. ولكن تبقى هناك نقطة مضيئة فى الموضوع، وأعتقد أن ثورة 25 يناير كانت سببًا فى حالة ضبط النفس، حيث شدد رئيس الوزراء العراقى على منع استخدام السلاح فى مواجهة المتظاهرين منعًا باتًا!فقد كانت الثورة المصرية وما استتبعها من محاكمات درسًا لكل حكام الدول الشقيقة المحيطة بنا.. سواء كنت مع الثورة أو ضدها.. ولذلك أكد الكاظمى فى بيان رسمى «التزام الوزارات، والهيئات، والأجهزة الأمنية والعسكرية بالعمل وفق السياقات والصلاحيات والضوابط الممنوحة لها».. ليس هذا فقط ولكنه أكد بصفته القائد العام للقوات المسلحة أن «قواتنا الأمنية مسؤولة عن حماية المتظاهرين، وأن أى مخالفة للتعليمات الأمنية بهذا الصدد ستكون أمام المساءلة القانونية»!
ودعا الكاظمى فى الوقت نفسه المواطنين إلى الالتزام بالتعليمات الأمنية، وقرار حظر التجوال.. وكأن الرجل يعلن بوضوح أنه برىء من أى دم يُهدر، أو من أى أرواح تسقط.. وبالتالى فلا توجد فى الأفق معركة جمال أو معركة حمير كتلك التى تورط فيها النظام الأسبق أيام ثورة 25 يناير.. والشعوب لا تريد شيئًا من حكامها.. هى تريد فقط أن تعيش وتجد مسكنًا وفرصة عمل لا أكثر ولا أقل.. وأظن أن العراق راح فى الدوامة وانشغل بالمناصب عن إدارة الدولة، وتعددت الانتماءات للخارج على الانتماء للوطن، وهو ما انتهى إلى الانهيار الحالى!
كانت العراق من أغنى الدول العربية زمن صدام حسين وبدأ العد التنازلى بغزو الكويت واحتلال العراق وتدخل الأمريكان، للسيطرة على منابع النفط.. وحين خرج الأمريكان قلنا إن جيلًا جديدًا سوف يظهر من حكام العراق لانتشال الدولة وإقرار الديمقراطية وتوزيع الثروة وإعادة إعمار العراق بعد سنوات من الحروب والاحتلال، وهو الأمر الذى لم يحدث.. واشتغلت الطوائف على حساب الوطن، وأصبح العراق فى يد إيران على يد الطوائف المنتمية لإيران!
وأمس رأينا مشهدًا لم يكن يحدث على الإطلاق فى زمن صدام حسين.. اقتحم المتظاهرون قصر الرئيس من الأبواب ومن فوق الأسوار، ونقلت الفضائيات هذا المشهد الحزين لسقوط بغداد من جديد.. سقطت بغداد وسقطت الحكومة والنظام والأحزاب والطائفية أيضًا!. وقررت إيران إغلاق حدودها البرية مع العراق، وقرر مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسى نهائيًا، وبناء عليه حدثت الفوضى.. وأظن أنه توقيت سيئ لقرار أسوأ فى تاريخ العراق.. فليس هذا هو توقيت الاعتزال.. وأظن أنه قرار غير برىء، حيث أوقع العراق فى قبضة إيران!
الأحداث فى العراق تتسبب فى حالة من الفوضى فى منطقة الخليج، وتؤثر على أمن المنطقة كلها!.. ولا يمكن أن نترك العراق لمصيره هذه المرة.. فقد تركناه بعد رحيل صدام، وكادت دولة العراق تفقد هويتها وأصبحت فى مهب الريح، وتحت السيطرة الإيرانية بمعاونة بعض القيادات التى لا تُخفى انتماءها أو ولاءها لإيران!
باختصار، سقوط بغداد سقوط للنظام العربى فى مواجهة إيران.. ولابد أن تكون هناك وقفة للجامعة العربية هذه المرة.. فما هو دورها؟.. هل تتحرك بعد فوات الأوان، كما حدث فى سوريا؟ للأسف!.