بقلم : محمد أمين
من أصعب الأسئلة التى يمكن أن تتلقاها فى حياتك أسئلة الأطفال، خاصة إذا كانت فى الدين والعلم.. فلا يمكن أن ترد بأى شىء والسلام.. فأنت أمامك طفل يتشكل عقله ووجدانه.. ولو رددت عليه بأى كلام فسوف تجعل منه إنسانًا فهلويًّا.. لا يؤمن بدين ولا بعلم، وتكون أنت السبب!.
وقد قرأت تقريرًا يسأل فيه الأطفال فضيلة الإمام الأكبر.. هذه طفلة وجهت سؤالًا إلى شيخ الأزهر قالت فيه: لماذا خلقنى الله يتيمة؟.. وهل سيحبنى الله أكثر من بقية الأطفال؟.. وسألته طفلة أخرى: أشعر بالغيرة من صديقة لأنها أجمل منى، فهل بهذا أنا أحسدها؟.. وماذا سيحدث فى العالم يوم القيامة؟!.
الأطفال غالبًا لا يعرفون خطوطًا حمراء ويسألون فى كل شىء بلا تحفظ، وقد شاهدت أيضًا فيديوهات للبابا شنودة والبابا تواضروس.. ولا أحد يستطيع أن يبدى حالة زهق أو يزجر الطفلة السائلة، خاصة إذا تحدثت عن اللاهوت والناسوت.. ولابد من إيجاد إجابات عاقلة وذكية ومقنعة.. وأضحكنى أن هناك مَن يسأل عن اسم زوجة إبليس للضرورة!.
وقد صدر حديثًا الجزء الثانى من كتاب «الأطفال يسألون الإمام»، لفضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذى أُتيح للجمهور بجناح الأزهر بمعرض الكتاب فى نسخته الماضية، والذى يتضمن أسئلة كثيرة تدور فى أذهان الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا ظنًّا منهم أن تلك الأسئلة مسيئة إلى العقيدة، ويطلبون منهم التوقف عن ذلك!.
جاءت فكرة هذا الكتاب الذى تم فيه جمع أسئلة الأطفال ليُجيب عنها فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، بنفسه ليرشدهم، ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربويَّة لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار، والإجابة عنها بعقل متفتح؛ بل تشجيعهم على التفكير والتدبر فى أمور العقيدة وغيرها من الأمور فى الحياة!.
استعرض الكتاب سؤال طفلة تسأل: لماذا خلقنى الله يتيمة؟، وهل سيحبنى الله أكثر من بقية الأطفال لأننى وحيدة ليس لى أب أو أم؟.. قال الإمام: ابنتى الحبيبة.. نعمة الخلق والإيجاد من النعم التى تستوجب على العبد الشكر، وقد ذكر الله تعالى هذه النعمة ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى [ الضحى: ٦]، فاليُتْم ليس منقصة ولا مذَمّة، والله تعالى أراد لحبيبه، صلى الله عليه وسلم، أن يكون يتيمًا ليكون له العون والمدد والإيواء من الله تعالى، وكذلك تصير تلك المعانى لكل يتيم؛ فإنه إذا فَقَدَ الأب فلن يفقد الرب تبارك وتعالى، فهو الذى خلق، وهو الذى يرزق، وهو الذى يؤوى، كما أنه تعالى إذا منع وجود الأب من جهة التكوين، فإنه عوض ذلك من جانب التشريع؛ بأن كفل لليتيم جملة من الحقوق التى تعمل على رعايته وحفظ حقوقه، ووعد بالجزاء الوفير لمَن يفعل ذلك!.