بقلم : محمد أمين
لا يحدث إلا فى مصر.. الإخوة الأقباط يشاركوننا فرحتنا بشهر رمضان ويعلقون الفوانيس ويقيمون الولائم والإفطار الرمضانى، ويدعون أصدقاءهم من المسلمين.. نسيج وطنى فريد من نوعه، تتداخل فيه خيوط المحبة والتسامح بين المسلمين والمسيحيين لتصنع لوحة فنية رائعة تعكس روح الوحدة الوطنية. صديقى الدكتور هانى قسيس ذهب للروحانيات فى دير سانت كاترين، ونقل لنا مشاهداته فى الدير ومتحف سانت كاترين، وتحدث عن العهدة المحمدية بروح جميلة وكيف كان النبى، «ص»، يطلب من جنوده حماية رهبان الدير!.
ومن بين القصص التى تجسد معنى المحبة والتسامح والإخاء قصة تعلم البابا كيرلس السادس، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الـ١١٦، الإنجيل على يد شيخ مسلم.. تقول قصة البابا، الذى رحل فى ٩ مارس فى مثل هذه الأيام، كيف تعلم الإنجيل على يد الشيخ أحمد غلوش، فى قريته طوخ دلكا بمحافظة المنوفية، فقد كان الشيخ غلوش معلمًا فى الكُتاب، وكان الطفل عازر يوسف عطا، (اسم البابا كيرلس قبل الرهبنة)، يتردد عليه لتعلم القرآن الكريم، ولكن الشيخ غلوش لاحظ شغفه بالمعرفة، فاقترح عليه أن يقرأ الإنجيل أيضًا.
ويُذكر أن الشيخ غلوش كان قد اقترح على «يوسف»، والد «عازر»، (اسم البابا كيرلس قبل الرهبنة)، بأن يرسل نجله إلى الكُتاب أثناء العطلة الصيفية، ومعه إنجيل ليدرس فيه، وبالفعل ذهب الطفل «عازر» ومعه إنجيل يوحنا مكتوبًا بحروف كبيرة، وقد استطاع الشيخ أن يُحفِّظ الطفل الإنجيل، وهو أكبر دليل على متانة نسيج الوحدة الوطنية فى مصر لأن مَن حفّظ بابا الأقباط الإنجيل هو شيخ مسلم!.
ولفت إلى أن البابا كيرلس كان اسمه قبل الرهبنة «عازر يوسف عطا»، وُلد فى دمنهور، فى ٨ أغسطس عام ١٩٠٢، وحصل على الابتدائية والثانوية، ثم عمل بشركة كوكس للسياحة بالإسكندرية لمدة ثلاث سنوات من عام ١٩٢٤ إلى ١٩٢٧، قبل أن يلحق بالرهبنة!.
وسوف تسمع أيضًا قصصًا عن تحفيظ أحد القساوسة القرآن لأطفال مسلمين، ما يدل على التسامح والمحبة. وقد كان أساتذتنا المسيحيون يدرسون لنا بعض آيات القرآن فى كلية الإعلام، ولم نكن نندهش لذكر آيات القرآن فى المنهج، فهذه هى مصر الجميلة!.
وكان يُعرف البابا كيرلس بـ«القمص مينا البراموسى المتوحد»، وكان ضمن المرشحين للبطريركية، وتمت الانتخابات يوم ١٧ إبريل ١٩٥٩م لانتخاب ثلاثة من بين المرشحين الخمسة، وأسفرت الانتخابات عن فوز القمص مينا البراموسى المتوحد ضمن الثلاثة الفائزين، وأُجريت القرعة الهيكلية يوم ١٩ إبريل ١٩٥٩ م، وتمت سيامته بطريركًا يوم ١٠ مايو ١٩٥٩م.
ويزخر تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالكثير من المواقف والبطولات العديدة للبطاركة فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى وأكاذيبه، ودعم القضية الفلسطينية!.