بقلم : محمد أمين
لا أحب أن أطلق على انتخابات الصحفيين لقب معركة انتخابية، فقد كانت منافسة محترمة بين زملاء متطوعين لخدمة الجماعة الصحفية.. ولكن أحب أن أقول إنها كانت انتخابات محترمة لم يخسر فيها أحد، حتى المرشح الذى خسر المعركة، فقد كسب فى اللحظة الأخيرة احترام الزملاء وتقديرهم، خاصة عندما كتب تهنئة أطفأت كل نيران الغضب فى النفوس، وتحولت لهجة الصحفيين منذ تلك اللحظة تتمنى له الخير والنجاح، وهو يتمنى التقدم للنقيب ورفعة النقابة، وهذا هو الهدف الأسمى لأى انتخابات تنافسية!.
كلنا نسينا المعاناة بعد ظهور النتيجة.. وتذكرنا فقط أنها كانت أذكى جمعية عمومية فى تعاملها مع جميع المرشحين اختيارًا واستبعادًا، وأنها كانت الكبرى فى تاريخ النقابة من حيث العدد، وأعطاها الجيل الجديد زخمًا وروحًا، وأكدت أن الصحافة بخير، وأن الأمل موجود، وأن الصحفيين قادرون على كتابة التاريخ!.
وقد أسعدنى الإعلان عن إجراء أول لقاء مع النقيب الفائز خالد البلشى مع قصواء الخلالى على قناة سى بى سى الإخبارية، وهو قرار ذكى للغاية.. فلا يمكن أن يحدث عداء مع الصحافة لأن البلشى نجح وميرى سقط. وفى الحقيقة أن ميرى كان لابد أن يكون موجودًا فى المشهد حتى تستقيم الانتخابات.. فلا أحد يلاعب نفسه، ومعروف أن الانتخابات فيها الفوز والخسارة، وفى النهاية يحدث تداول سلمى للسلطة، وتنتهى المعركة بالسلام والأحضان والقبلات!.
فمثلًا لم يلتقِ «ميرى» مع أى زميل ولم يأخذه بالأحضان، مع أنه كان يُبيت عدم انتخابه، فالانتخاب شىء والاحترام شىء آخر!، حتى الذين أخذوا أقلام «ميرى» أخذوها، وانتخبوا البلشى، صحيح خسر ميرى، ولكنه بقى زميلًا مقاتلًا فى خدمة زملائه!.
ومَن يدرى، فقد ينجح فى انتخابات قادمة.. لكن هناك مَن أسهم فى إسقاطه هذه المرة بالانحياز إليه إعلاميًّا لدرجة استفزاز الجماعة الصحفية.. لابد أن نعرف طبيعة المجتمع الانتخابى.. فهؤلاء الصحفيون لا ينتظرون ظهور المرشح ولا اليفط ولا وجبات أبوشقرة!.
كلها أشياء معروفة من أين جاءت ومَن يصرف عليها، وكانت تخاطب فئة بعينها.. والمؤكد أن هذه الانتخابات أحْيَت الروح من جديد، وأعادت إلى النقابة كرامتها وكبرياءها، ولا يعنى هذا أنها دخلت فى خصومة مع الدولة، فليس من مصلحة أحد الدخول فى خصومة من الجانبين.. لا الصحافة ولا الدولة.. كانت رسالة بعلم الوصول والسلام.. أرست قيمة الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة، وأرسلت رسالة عن ضوابط الاختيار ومعايير الانتقاء!.
لأول مرة، نجد هذه الحشود وهذه الأعداد فى طرقات النقابة وطوابقها.. ولأول مرة، تتعانق الأجيال، وعيونها تلمع بالفرحة، ثم وهم يهتفون دون خروج عن النص.. كان الشباب يقفون فى طوابير بالساعات، فإذا أقدم أحد الكبار وسعوا له وسمحوا له بالدخول خوفًا عليه من الزحام والاختناق.. كان عيدًا حقيقيًّا، وانتهى اليوم كأحلى أيام العمر!.