بقلم - محمد أمين
هذا هو الجزء الثانى من شهادة الكاتب الأستاذ أسامة سرايا على تجربة «المصرى اليوم»، يحكى فيه كيف كان خائفًا من التطور المذهل للصحيفة بحيث تنافس «الأهرام»، وتخطت صحفًا أخرى كانت ذات يوم منافسًا تقليديًّا لـ«الأهرام».. ولذلك تُعتبر صحيفة «المصرى اليوم» رائدة وسباقة فى هذا المضمار، أو بمثابة اختراق لحاجز الصوت الإعلامى فى مصر.
وبداية وصل ما انقطع لسنوات بالنسبة لبيت المؤسس، صلاح دياب، وتاريخهم المهنى، والصحفى، والسياسى، وكذلك للمجتمع المصرى، الذى يترقب تغييرًا جوهريًّا فى مستقبله، وظهور مؤسسات جديدة يملكها الناس، وقادرة على الذهاب بمصر إلى مكانة أخرى، كما يتطلع الناس وكما تستحق مصر، أى وصل ما انقطع عبر تاريخها وحضارتها القديمة، التى جعلت مصر دولة عظمى فى العالم القديم، رائدة فى كل منطقتها العربية فى العالم الحديث!.
من هذا السياق كنت أنظر إلى «المصرى اليوم»، وأرقب انطلاقاتها الأولى، وكيف جاءت فى أوقات غير محسوبة، لم تراعِ التوازن الدقيق بين متطلبات الحرية، والمرحلة الزمنية التى تعيش فى ظلالها، والحرية الوليدة، التى كانت تحتاج إلى الرعاية والمتابعة أكثر من السعى فى مسارها!.
خطت التجربة خطوات كبيرة نحو ترسيخ التغيير فى قواعد مهنة الصحافة فى مصر، وكنت أرى كثيرًا من زملائى بـ«الأهرام» والعاملين معى ينتقلون إلى «المصرى اليوم»، بل يراهنون عليها، مما جعل مخاوفى تزداد، وهنا كانت مرحلتى الثانية مع «المصرى اليوم»، وقد كانت منافسة لصحيفتى «الأهرام»، التى أعمل بها رئيسًا للتحرير، وكان من واجبى أن أحافظ على صدارتها فى سوق الصحافة، وأن تظل الأكثر توزيعًا!.
فالصحف لا تزدهر، ولا تقوى إلا فى مناخ المنافسة، فدون منافسة بين الصحف، تسقط صحيفة وراء أخرى، ويهجرها القارئ إلى غيرها، أو إلى صحف الخارج. إلى هنا، فإن «المصرى اليوم» ومؤسسيها وصحفييها يستحقون التهنئة والتقدير.
أولًا: ليس لإصدارها فقط، بل لشجاعتهم، وامتلاكهم روح المغامرة، التى تكاد تكون غير محسوبة فى الكثير من الأزمات أو المراحل، ولكن يشفع لهم الطموح بأن تعود مصر إلى مكانتها على كل صعيد، سواء أكانت فى الإنتاج الاقتصادى أو الثقافى أو الصحفى أو الإعلامى!.
ثانيًا: لأن الصحيفة نجحت ورسخت موقعها، وسبقت منافسيها فى مراحل مختلفة، وناطحت الكبار، واصطفت معهم على قدم المساواة، أو ما يسمى روح المنافسة. وهذا لعمرى، ليس كما قال لى صلاح دياب فرصة سعيدة أن تنجح له صحيفة، فهى بالقطع فرصة، لكنها جاءت نتيجة لتخطيط مهنى، وعمل جسور من قِبَل أصحابها، ومن قِبَل العاملين فيها.
فى عيد ميلادكم العشرين، تقبلوا منى تهنئتى وتقديرى، وشعورى تجاهكم. إنكم كتبتم سطورًا فى تاريخ مهنة الصحافة المصرية، سيكون تأثيرها كبيرًا فى مستقبل المهنة لأنكم لم تتحدثوا عبر مؤتمرات أو ندوات أو أبحاث حول المستقبل، بل قمتم بالتجربة عمليًّا، فأصبحت فى المقدمة، بل قدمت نموذجًا أمام الكثيرين، لتعود مصر دولة طبيعية فى عالم إنتاج كل السلع والخدمات، بما فيها الصحافة والإعلام!.
«المصرى اليوم» صارت نموذجًا، وصلاح دياب يستحق التهنئة مرتين، ليس لدوره الاقتصادى أو إصداره لـ«المصرى اليوم» فقط، بل لأنه لم ينسَ واجبه تجاه جده وأسرته، فأعاد بـ«المصرى اليوم» وصل ما انقطع عقب توقف صحف كثيرة، منها صحيفة جده، «الجهاد»، فى سنوات التغيرات السياسية والاقتصادية أو التحولات الكبيرة التى مرت على مصر فى القرن العشرين، ولا تزال تتابع، ولم تصل بعد إلى محطتها المستقرة!.