بقلم : محمد أمين
كان بيل جيتس أغنى رجل في العالم، حتى ظهر جيل جديد من الأثرياء، مثل إيلون ماسك وستيف جوبز وغير هؤلاء.. كان رقم واحد في العالم وليس من أغنياء العالم، فهو مازال واحدًا من كبار الأثرياء.. ويُحكى أنه كان في مجلس طلاب، وسأله أحد الشباب: هل هناك شخص أغنى منك في العالم؟!.
سرح بيل جيتس لبرهة بسيطة، ثم قال: نعم، هناك مَن هو أغنى منى، والشرقيون مثلنا قد يجيبون بأن الله هو الغنى ولا أحد أغنى منه، وهى حقيقة بالفعل، وكان سينصرف الذهن إلى الله مباشرة، ولكن بيل جيتس أراد أن يعلمهم أن الأغنى منه مَن لا يحتاج إلى كل هذه الثروة.. وقال إنه بائع الجرائد البسيط، في مطار نيويورك، هذا الصبى الذي أعطاه الصحيفة والمجلة بلا مقابل، وقال إنه يكفيه ابتسامة الزبون وسعادته!.
ويُحكى أن بيل جيتس بعث رجاله في طلب هذا الشاب للبحث عنه، حيث كان صبيًّا منذ عشرين عامًا، ولما جلس معه قال: هل تعرف لماذا ألتقى بك؟، قال: لا أعرف يا سيدى!.. قال: هل تعرفنى؟.. أجاب الشاب: ومَن في العالم كله لا يعرف السيد بيل جيتس؟!.. ولكن ما سر دعوتى للقائك؟.
قال جيتس: أنتَ أهديتنى زمان صحيفة ومجلة، ولم يكن معى نقود من ذات الفئات الصغيرة، وكدت أمشى، فأهديتَنى المجلة والصحيفة، والآن أريد أن أعوضك.. قال الشاب: لا تستطيع أن تعوضنى.. أنا أعطيتك وأنا محتاج، وأنت تعوضنى وأنت تملك كل هذه الثروة!.. وحكى بل جيتس الحكاية، وقال: هذا أغنى رجل في العالم.. أعطى لكى يرى السعادة على وجهى، وهو لا يملك شيئًا، بينما كنت أحاول أن أعطيه وأنا أملك كل هذه الثروة!.
وهكذا تعلم بيل جيتس من شاب بسيط، لم يطلب شيئًا، ولم يطلب العمل معه مثلًا، ولم يقبل منه هدية بالمثل، ودوَّت هذه القصة في العالم، وتناقلتها شبكات الاتصال والمواقع، وهى قصة لطيفة رغم أنها لم تثبت في كل أحاديث بيل جيتس في مصدر مشهور أو له قيمته، لكنها أصبحت ذات دلالة.. فالثراء ليس بالمال، ولكن بالرضا والشعور بالسعادة!.
السعادة في العطاء دون مقابل. وتخيل أن الشاب قال له: لا يمكنك أن تعوضنى.. فقد أعطيتك وأنا في أوج فقرى، وأنت تريد أن تعطينى وأنت في أوج غناك، وأعطاه درسًا كبيرًا، وانصرف شاكرًا.. ولو كان الشاب شرقيًّا أيضًا لقال له: خدنى أعمل معك، وربما فاز بوظيفة في مايكروسوفت، أهم شركة في العالم!.
الخلاصة أن بيل جيتس تعلم درسًا عظيمًا، وقال: لم أشعر في حياتى يومًا بأن هناك مَن هو أغنى منى سوى هذا البائع.. هذه القصص كثيرة في مجتمعنا، فالبعض يموت من الجوع دون أن يشكو لأحد، يقول فيهم القرآن: «يَحْسَبهم الجاهل أغنياء من التعفُّف تعرفهم بسِيمَاهم لا يسألون الناس إلحافًا».. ما أحلى الرضا، وما أحلى الذين يشعرون بالرضا والسعادة!.