بقلم - محمد أمين
الأستاذ جمال بدوى رئيس تحرير الوفد فى التسعينيات، كانت تربطنى به علاقات طيبة على المستوى الإنسانى والمهنى، وكنت محل ثقته فى العمل، وكان يقول: «طول ما انت موجود أنا مطمن» رحمه الله، تذكرت هذه الأيام الجميلة، وتذكرته أيضًا عندما كان يثور يصيب الجريدة بالتوتر، ويرتعد الناس من الخوف، مع أنه كان طيب القلب جدًا، وكان يميل إلى العدل والإنصاف ويتراجع فى حال الخطأ، كانت تربيته الدينية تمنعه من الظلم!.
وهو اسم يعرفه جيدًا عشاق الصحافة والسياسة والتاريخ الإسلامى والتراث العربى، أحد أشهر كتاب الصحافة فى مصر والعالم العربى، وظل يستعين من التاريخ بأفكار جيدة ليكتب مقالات قوية جدًا حتى واقعة الضرب الشهيرة فى صلاح سالم!.
اشتهر جمال بدوى بسياحاته وقراءاته التاريخية والتراثية الواسعة، وقد أثمرت هذه القراءات التراثية عن عدد محترم من الكتب العظيمة، وعندما استقال من الوفد لأسباب ليس هذا مجال ذكرها، قدم برنامج «قطايف» فى التليفزيون، وكان من البرامج التثقيفية الخفيفة فى الدين والسياسة!.
وكان جمهوره واسعًا، حتى إن الدولة لم تخف من حضوره مع أنه كاتب وفدى معارض ورئيس تحرير أكبر صحيفة معارضة.. وظل يقدم البرنامج لعدة سنوات.. وكان هو والأستاذان مصطفى شردى وعباس الطرابيلى ثلاثة نقلوا خبراتهم الصحفية إلى الخليج، فتم تأسيس الصحف فأسسوا صحيفة الاتحاد الإماراتية، وعادوا إلى مصر لتأسيس صحيفة الوفد برعاية الكاتب الكبير الراحل مصطفى أمين!.
وكان «الطرابيلى» حين يتحدث عن صديق العمر يذكره باسمه الرسمى محمد جمال الدين إسماعيل بدوى، وليس اسمه المهنى ليدلل أنهماأاصدقاء عمر من أيام الجامعة فى كلية الآداب.. ولد بدوى فى بسيون بمحافظة الغربية عام 1934 ونشأ وتعلم فى كتاتيبها ومدارسها الأولى، وتخرج فى كلية الآداب جامعة القاهرة- قسم الصحافة عام 1961، وأثناء دراسته اختاره مصطفى أمين للعمل فى أخبار اليوم!.
وتخصص فى كتابة الدراسات التاريخية فى صحف مؤسسة أخبار اليوم ومجلة «المصور» بدار الهلال أسبوعيا والجمهورية والاتحاد الإماراتية والشرق القطرية. أسس الراحل جمال بدوى جريدة «صوت الأزهر» عام 1999، وحاضر فى التليفزيون، ومن أشهر أعماله كتابه الممتع «قطايف»، الذى انتقى فيه مجموعة مختارة من قراءاته وسياحاته التاريخية والتراثية والمعاصرة، وبعضها يتصل بوقائع وأحداث وشخصيات رمضانية عبر حقب وعصور التاريخ الإسلامى.
وخاصة مصر فى العصور الإسلامية، وفى تاريخها الحديث والمعاصر أيضًا، وفيه يجول تجوالًا حرًّا بين السياسة والأدب والتاريخ والمذاهب الدينية والشخصيات التاريخية، يجعلنا نتذوق فيها ومن خلالها حلاوة «القطايف»، ومتعة التاريخ، وجمال الأدب، وسماحة الدين وروعة الأخلاق!.