بقلم : محمد أمين
فى كل دول العالم، هناك فرق كبير بين السياسيين والمواطن العادى.. الأخير له كل الحرية، ولكن السياسى يحاسَب على كل صغيرة وكبيرة.. ويحاسَب على ردود أفعاله تجاه المواطن، ويحاسَب على كلامه مع الصحافة وعلى ضحكاته وهمساته، وحتى لغة الجسد.. فى اليابان، وجهت الصحافة انتقادات حادة إلى مساعد رئيس الوزراء لأنه وضع يديه فى جيبيه.. وكانت تعليقات الجمهور على مساعد رئيس الوزراء غاية فى القسوة، ما عرّضه لكثير من الحرج.. حتى إن والدته قالت إنها تشعر بالخجل!.
كان فوميو كيشيدا فى زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية، والتقطت العدسات صورة للمسؤول اليابانى وهو يضع يديه فى جيبيه.. وهى مسألة ليست غريبة فى أى مجتمع، ولكنها تختلف فى التقاليد اليابانية، التى ترى هذه الوضعية مخالفة للقيم اليابانية، وهم يرون أنه لا يتمتع بالكياسة الاجتماعية، وفقًا للتقاليد اليابانية، وكانت والدته أشد انتقادًا له، كما أنها وبخته، وقالت إنها تخجل منه، ووصفته بأنه لا يحترم عمله!.
لم ترَ هذه الأم الوزير السابق، طارق شوقى، وهو يضع يده فى جيبه وهو يعرض «بريزنتيشن» على الصحافة والمسؤولين.. لم يعلق أحد، ولم يقل له: إذا كانت يداك باردتين فاجلس فى بيتك.. اليابانيون قالوا ذلك لمساعد رئيس الوزراء ولحاكمة طوكيو.. لأنها وضعت يدها فى جيب سترتها، وقالوا لها: البسى القفاز إذا كنتِ تشعرين بالبرد، ووجهوا إليها انتقادات عنيفة.. المهم أنها لم تدافع عن نفسها، ولم تتحرك الكتائب الإلكترونية للدفاع عنها!.
الغريب أن سيبجى كيهارا، المسؤول فى مجلس وزراء اليابان، اعتذر عن موقف الرجل، وقال عبر موقع يوتيوب إن والدته قد قرأت تعليقات مفادها أنه «يجلب العار على والديه»، بعد أن تم تصويره ويداه فى جيبى بنطلونه، بينما كان كيشيدا يتحدث إلى المراسلين فى واشنطن!.
المثير أن المسؤول اليابانى لم يسرق ولم يتورط فى رشوة أو فساد حتى يجلب العار لوالديه، ولكنه كان يضع يده فى جيبه.. وقالت له والدته مقترحة عليه خياطة جيوب بنطلونه.. أى أن يرتدى البنطلون بلا جيوب حتى لا يتكرر ذلك!.
الأكثر غرابة أن قارئة اتهمت المسؤول اليابانى بسوء الأخلاق.. فكيف لو كان يجلس ووضع ساقًا على ساق؟!. لقد كانت أمه أَوْلَى الناس بالدفاع عنه، ولكنها قالت إنها تشعر بالخجل، وتصفه بانه لا يحترم عمله!.
المشكلة أن البعض رأى واقعة البنطلون على أنه حاول أن يظهر أهم من رئيس الوزراء.. فاتهمه البعض بأنه وقح اجتماعيًّا فى موقف سياسى ومهنى معين.. وبالمناسبة، فالموقف نفسه تعرض له بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، عندما كان يضع يديه فى سترته وجيوب بنطلونه، فى قمة الناتو فى بروكسل!.
باختصار، الصحافة لا تتسامح مع هذه اللقطات، ولا الرأى العام فى أى قمة عالمية.. الفرق فى حرية الصحافة.. وكنا نفعل ذلك فى زمن الصحافة الجميل أيضًا!.