بقلم : محمد أمين
مصر قالت كلمتها فى كل مناسبة: لا تصفية لقضية فلسطين، ولا تهجير لشعبها ولا حصار للفلسطينيين.. ووصلت إلى مسامع البيت الأبيض.. واليوم تعقد القاهرة قمة عربية طارئة لتقول من جديد: فلسطين ستبقى رغم الحصار، وإن الفلسطينيين باقون على أرضهم ولا تهجير لهم، وسوف يُعاد إعمار غزة دون تهجير لشعبها.. هكذا كانت مصر واضحة منذ اللحظة الأولى، فلن نكون طرفًا فى أى مخطط لتهجير الفلسطينيين، على الأقل لأنه تهديد مباشر للأمن القومى المصرى!
فمصر لا تدعو للقمة ولا تشارك فيها من قبيل جبر الخواطر وإنما هناك مصلحة مباشرة يجب أن يفهمها كل الأطراف، ويجب أن يستوعبها البعيد والقريب، فما تقوله مصر ليس مجرد تصريحات دبلوماسية، ولكنها سياسة ثابتة واضحة منذ كانت القضية الفلسطينية وعبر كل العهود السابقة حتى الآن!
وبالتالى، فكل المحاولات لفرض واقع جديد هى محاولات مرفوضة لا تساوى ثمن الحبر الذى كُتبت به، وسيكون مصيرها إلى زوال.. هذه المواقف الثابتة سوف تنعكس على نتائج قمة القاهرة، فهذا هو الوقت الذى يجب أن تقول فيه مصر كلمتها بصوت مسموع، ولابد أن تعبر مخرجات القمة عن هذا الاتجاه فتصل رسالة القاهرة واضحة مدوية، ويصل صوت مصر بلا أى لبس وبلا أى خوف ولا تردد!
كان البعض يطالب مصر بأن يسافر وفد مصرى رسمى للبيت الأبيض ليقول لا للتهجير، ولا إعمار لغزة مع التهجير ولا حصار.. وهكذا جاء الوقت لتعلن مصر موقفها فى قمة يحضرها العرب لتقطع الشك باليقين، وترسل رسالة القاهرة من هنا دون إرسال وفود أو سفريات!
وكان العرب زمان يقولون: «إذا مصر قالت نعم أيدوها، وإن أعلنت لاءها فاسمعوها، فمصر منزهة فى الأرب، ومصر العلا وضمير العرب».. هكذا كان العرب زمان، وهكذا كانت مصر.. ومازالت مصر على مواقفها الثابتة لا تتغير ولا تغير مواقفها ولا تبيع موقفها، ولا أحد يستطيع أن يؤثر عليها، لا البيت الأبيض ولا غيره منذ كانت مصر.. فالمسألة تتعلق بأمنها القومى أولًا وأخيرًا!
ولا جديد حين ترفض مصر الجهود الأمريكية- الإسرائيلية، الرامية إلى فرض التهجير كأمر واقع. فالطرح الأمريكى الذى يهدف إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج أرضيهم ليس جديدًا، بل هو امتداد لمشاريع تصفية القضية التى طُرحت فى أكثر من مناسبة، بدءًا من «صفقة القرن» التى حاولت إدارة ترامب تمريرها، وصولًا إلى المقترحات الحالية التى تستغل الحرب لفرض واقع ديموغرافى جديد. لكن مصر، ومنذ اللحظة الأولى، قطعت الطريق على هذه المخططات، وأكدت أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، دون أى تنازل عن حقوق الفلسطينيين أو التفريط فيها!
ولذلك كانت مصر هى العقبة الوحيدة فى وجه كل المخططات من أول الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن، ومخطط التهجير، وهى أفعال أكدتها مصر وترجمتها فى كل مناسبة، ونتمنى أن تُترجم قمة القاهرة هذه الأفعال للتأكيد على مصداقية الموقف العربى!