بقلم : محمد أمين
بالتأكيد سوف تسأل: ماذا حدث فى كوريا؟.. أقول إن الصدام بين الرئيس والبرلمان ليس أول مرة.. هناك 22 محاولة لعزل الرئيس فى البرلمان، منذ تولى منصبه الرئاسى عام 2022.. التصعيد الجديد حدث لأن الجمعية الوطنية بقيادة المعارضة خفّضت ميزانية الحكومة للعام القادم، وبدأت إجراءات لعزل رئيس هيئة التدقيق الحكومية!
مأساة الرئيس أنه كان المدعى العام السابق، ويُعرف عنه كثرة معاركه بهذه الصفة.. أدان وعزل زعيمة سابقة لحزبه وسجنها وتخصص فى قضايا الفساد، ولاحق أيضًا رئيسًا سابقًا آخر ورئيس شركة سامسونج!
ويبدو أنه متسرع ويرتبط بعلاقات غير جيدة مع أركان حكمه.. فقد اتخذ قرارًا بفرض الطوارئ والأحكام العرفية، دون أن يبلغ قائد الجيش، ودون أن يُعلِم حزبه، فلم تكن له حماية.. وهنا هاجت المعارضة وقررت عقد جلسة ليلية للبرلمان وتم إحباط المحاولة، فانسحب الرئيس قبل أن تشرق الشمس!
ونزل الشعب للشوارع ليدرك وطنه، قبل أن تتغير قواعد اللعبة.. وهنا يجب أن نحيى الشعب الذى يستحق الاحترام.. فلو نام الشعب حتى الصباح لنام وهو شعب ديمقراطى، واستيقظ وهو محكوم بالأحكام العرفية.
وقالت واشنطن: نتابع ما يحدث فى كوريا عن كثب.. وقال الأمين العام للأمم المتحدة: نتابع بقلق شديد.. هذا أقصى ما يستطيعه العالم إذا وقعت الواقعة.. لكن الشعب الكورى صحح الأوضاع ونام فى هدوء!
تعلمنا درسًا من هذه الأزمة السريعة أن الأحكام العرفية والطوارئ لا تحمى النظام الدستورى، وإنما يحمى الشعب النظام الدستورى للبلاد!
المهم أن الرئيس الكورى الجنوبى أعلن رفع الأحكام العرفية بعد أقل من ست ساعات، وتراجع عن مواجهة مع البرلمان الذى رفض بشدة محاولته حظر النشاط السياسى وفرض رقابة على وسائل الإعلام.. حدث ذلك قبل الساعة الخامسة صباحًا بالتوقيت المحلى.. وهذه هى المرة الأولى التى يتم فيها إعلان الأحكام العرفية منذ عام ١٩٨٠ ويتم إسقاطها قبل طلوع النهار!
كان الرئيس «يون» يستطيع من خلال إعلان الأحكام العرفية تقييد حرية التعبير والنشر والتجمع وتكوين الجمعيات وتنفيذ تغييرات خاصة فى سلطة الحكومات أو المحاكم ونظام أوامر التفتيش وفقًا لأحكام القوانين ذات الصلة!
وأخيرًا، رغم إلغاء الأحكام العرفية، ظهرت مطالبات بدعوة الرئيس للتنحى، وقال نواب بارزون: «حتى لو تم رفع الأحكام العرفية فلا يمكنه تجنب اتهامات الخيانة. لقد تم الكشف بوضوح للأمة بأكملها أن الرئيس يون لم يعد قادرًا على إدارة البلاد بشكل طبيعى».