بقلم : محمد أمين
المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، لم يخذلنى فى أى قضية وطنية انتظرت رأيه فيها، وآخرها قضية نتفليكس والملكة كليوباترا.. فمنذ أن وجهت إليه نداء بالتحرك فى إجراءات التقاضى ضد الشبكة الدولية.
وهو يعكف على دراسة قانونية حول «مسؤولية شبكة نتفليكس أمام القضاء الأمريكى بتعويض مصر عن تزييف تاريخها القديم للملكة كليوباترا، دراسة فى ضوء المعايير الأمريكية المهنية والأخلاقية عن الأفلام الوثائقية».. لم ينم حتى أنجز الدراسة القيمة فى إجازة العيد!.
أصدر القاضى دراسته تحت عنوان «حديث الساعة» لما للملكة كليوباترا من أهمية تاريخية، ونظرًا لما تضمنه الفيلم الوثائقى من مغالطات تاريخية وظهورها سوداء، ولجأ القاضى المصرى إلى نصوص القانون الأمريكى ومكتب التحقيقات الفيدرالى، وجمع معلومات كثيرة، من ضمنها أن الشبكة تكبدت خسائر تتجاوز عشرة مليارات دولار تعويضات فى عام 2022.. وهو ما فتح شهيته لمقاضاة الشبكة الدولية والتبرع بحصيلة التعويضات لسداد ديون مصر!.
فالقضاء الأمريكى هو المنوط بمحاكمة نتفليكس على مغالطات التزوير وليس القضاء المصرى، فقد قال «خفاجى» إن القضاء المصرى لا ولاية له على الفضاء الإلكترونى العالمى، ولابد من مقاضاة نتفليكس أمام القضاء الأمريكى ذاته، ومنع الشبكة الدولية من بث تاريخ مزيف!.
فالإعلان عن مقاضاة شبكة نتفليكس داخل مصر لا يخرج عن حدود الفضاء الافتراضى المصرى فقط، وتلك نتيجة لا تغير من الأمر شيئًا لأن المصريين يعلمون بمدى التزوير فى تاريخهم، ومن المهم أن يعلم بهذا التزوير الشعوب الأخرى، وتلك المسألة ليست فى يد القضاء المصرى ولا تخضع لقوانينه إلا فى حدود الفضاء المصرى، والمصريون يعلمون بالتزييف، لكن ماذا عساهم أن يفعلوا سوى الضغط على الرأى العام العالمى؟!.
فمن المهم أن يعلم به شعوب العالم التى تأتى للسياحة من أجل قدماء المصريين مما يضر بالسياحة وينال من تلك الحضارة تحريفًا وتزييفًا!.
ويكشف «خفاجى» أن مسؤولية الشبكة عن التزييف ينبغى أن تكون أمام القضاء الأمريكى ذاته وفقًا لقوانينه، وطالب وزارة الثقافة والسياحة والآثار بتشكيل لجنة أثرية وتاريخية وقانونية ذات مستوى رفيع، ويشارك كل فى تخصصه للدفاع عن حقوق مصر وتاريخها أمام القضاء الأمريكى، عن طريق التقاضى هناك وفقًا لقواعد القوانين الأمريكية للمطالبة بوقف عرض الفيلم الوثائقى كليوباترا وإلزام شبكة نتفليكس بتعويض مصر عن الأضرار الجسيمة التى لحقت بتزييف تاريخها القديم!.
وتوقع إذا ما تم الإعداد جيدًا لعريضة القضية أن تحصل مصر على مبلغ ضخم لا يُصدق لأن الأضرار جسيمة بالأجيال السابقة والمعاصرة واللاحقة، فالأضرار فادحة لمساسها بثوابت الحضارة المصرية العريقة منذ فجر التاريخ!.
وشرح نقطة مهمة كنت قد أثرتها هنا للتمييز بين حرية الرأى والتعبير، وحرية التزوير، فيقول إن الحرية الإبداعية فى الأفلام الوثائقية لا تعنى «السطو على الحضارات» وتغيير هويتها وتزوير تاريخ الشعوب لأنها جريمة ضد التاريخ!.
والسؤال الذى يطرح نفسه فى هذا المجال: ما مقدار الحرية المسموح بها عالميًّا لصانعى الأفلام الوثائقية عندما تكون سمعة الشخص أو الأحداث التاريخية فى خطر سواء بالتشويه أو التزييف؟!.