بقلم : محمد أمين
كنت أتصور أن تنزعج الحكومة وينزعج رئيس الوزراء شخصيًا من الأخبار التى تتحدث عن هجرة الأطباء واستقالاتهم من المستشفيات.. وكنت أتخيل أن يبادر الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل لجنة لبحث مشكلاتهم، لكننى فوجئت بأنه يقول إننا نشجعهم على الهجرة!
ومعناه أن الدولة تفضل هجرة الأطباء على حل مشكلاتهم.. لأنها تنتظر العملة الصعبة، وليذهب المرضى إلى التمرجية والممرضين!.. فهل هذا معقول؟!.. هذا استجواب للحكومة على طريقة مجلس النواب أو طلب إحاطة لرئيس الوزراء!
استغربت أن رئيس الوزراء يردد ما يقوله البعض فى جلساتهم، إنها خطة حكومية لتطفيش الشباب من الأطباء والمهندسين.. وإنها خطة يتبناها الإعلام الحكومى، بدليل هجمة عمرو أديب على الأطباء، وكلامه عن مجانية التعليم، وضرورة محاسبة الأطباء على سنوات التعليم، وحظر سفرهم قبل مضى عدة سنوات.. وتبين أن الكلام نفسه يردده رئيس الوزراء ويرحب بالهجرة بدلًا من فحص الملف وعلاج الأزمة!
حزنت أنه يقول هذا الكلام ويصرح بأن كليات الطب كانت تُخرج ٩ آلاف طالب، ومع زيادة الكليات أصبحت تُخرج ١٥ ألف طالب حاليًّا، مشيرًا إلى أن «جزءًا من قوة مصر الناعمة هو خروج شبابها للعمل فى الخارج وتحقيق عائد اقتصادى».. وقال إن خروج الأطباء للعمل بالخارج شىء جيد ومشرّف، وهذا تشجيع من الدولة للأطباء على الهجرة!
لم يقف عند هذا الحد، ولكنه تطرق أيضًا إلى المهندسين فقال: «والأمر ذاته بالنسبة للمهندسين وغيرهم من القطاعات الأخرى».. و«ليست لدينا مشكلة لو هاجر ١٠ آلاف طبيب من نحو ٢٩ ألف طبيب سيتم تخرجهم الأعوام المقبلة، وهذا الأمر من مصلحة الدولة سواء بكسب الخبرات أو جلب العملة الصعبة لمصر!».
كنت أتمنى أن يكون لدينا أجهزة استطلاع رأى ليعرف رئيس الوزراء تأثير هذه التصريحات على الرأى العام.. وكيف رد على رئيس الوزراء، وكيف وصل نقص الأطباء فى مصر ومستشفيات مصر؟.. وكنت أتمنى أن يتصدى وزير الصحة شخصيًا إلى هذه التصريحات ويقول إنها ضارة جدًّا بصحة الإنسان المصرى
وتهدد حياته!
وأخيرًا، لقد لاحظت أن هناك حالة عشوائية فى منظومة الصحة.. مرة ببيع المستشفيات للقطاع الخاص.. ومرة بتصدير الدواء.. ومرة أخيرة بتهجير الأطباء وتطفيشهم، بدعوى جذب العملة الصعبة.. والسؤال: من يوقف هذه العشوائية فى قطاع الصحة منذ سنوات؟!