بقلم : محمد أمين
الوحيدة التى كنا نقول لها «أبلة» بكل تقدير وحب واحترام.. علمت أجيالًا كثيرة معنى الحب والرقى والوطن.. وحين نشرتُ خبر رحيل أبلة فضيلة على جروب الدفعة 83 إعلام، كانت هناك صدمة فى البداية، ثم اعتراف جماعى بأن أبلة فضيلة علمت المصريين وربّت وجدان الأطفال وغذتهم بالقيم الجميلة الأصيلة، واستضافت رموز مصر من العلماء والفنانين والأطباء والسياسيين وكبار القراء، ليشرحوا للأطفال كيف كانت النشأة وكيف يحافظون على تقاليدهم وقيمهم الأصيلة!.
رحلت الإذاعية الكبيرة فضيلة توفيق عبدالعزيز، وشهرتها أبلة فضيلة، وتم تشييع جثمانها عقب صلاة الجمعة أمس فى مسجد عثمان فى مدينة بيكرينج فى كندا.. وأعلنت ريم إبراهيم على، ابنة الإذاعية الراحلة، أبلة فضيلة، وفاة والدتها، صباح الخميس، عن عمر ناهز 93 عامًا، حيث كتبت، عبر حسابها على «فيسبوك»: «ادعوا لأمى بالرحمة، البقاء لله، تُوفيت إلى رحمة الله الإذاعية الكبيرة فضيلة توفيق عبدالعزيز، أبلة فضيلة!»
ورغم أن الكثيرين كانوا يعتقدون أنها ماتت قبل سنوات، إلا أنهم أُصيبوا بالصدمة أنها كانت لا تزال على قيد الحياة، بينما أُصيبت بالتهميش.. وفى الحقيقة فقدنا صوتًا إذاعيًّا كان أقرب إلى كل بيت وكان قبلة الكبار والأطفال، لدرجة أن الشباب كانوا يسمعون حكاياتها البسيطة أيضًا، ربما يستفيدون من قصصها التى تقدمها بشكل رائع!.
كانت أبلة فضيلة رمزًا من رموز الإذاعة المصرية، وكانت تستطيع أن تجذب المستمعين فى وقت محدد ليفتحوا الراديو ويستمعوا لها بكل اهتمام واحترام!.
وهكذا حين يكون الإذاعى أو الإعلامى قادرًا على ربط المستمع أو المشاهد بما يقدمه من معلومات يستهدف بها تنمية وعى المواطن وتثقيفه ورفع كفاءته، وليس خداعه والضحك عليه!.
أبلة فضيلة واحدة من القامات التى صنعت علاقتنا وارتباطنا بالإذاعة، وكانت رمزًا من رموز ماسبيرو، التى أكدت فى وقت مبكر قيمة الإعلام فى حياة المصريين، فاشترينا الراديو الترانزستور لنستمع إليها وإلى غيرها بالطبع، لكنها كانت ذات المكانة الأعلى لأنها لم تكن مجرد مذيعة، ولكنها كانت أمًّا لكل مَن يستمع إليها.. أم تعلمك وتوشوشك وتهمس إليك دون صخب أو عصبية!.
المثير أنها تموت فى ذكرى عيد الأم ليفتقدها كل الرجال والنساء كما يفتقدون أمهاتهم.. والغريب أنها تموت بعيدًا، فلا نملك أن نشيعها رغم تعلقنا بها!.
رحم الله أبلة فضيلة- بقدر ما خدمت الإعلام، وقدمت نماذج موهوبة، وبقدر ما تعلمنا وتربينا على ما تقدمه من حلقات إذاعية، ستبقى فى وجداننا، وستبقى نبراسًا لجيل الإعلاميين من بعدها- وأسكنها فسيح جناته بما قدمت من قيم نبيلة وأصيلة لأبناء مصر!.