بقلم : محمد أمين
كانت الصحافة الأمريكية تكتب، وربما تفتش عن مزيد من الوثائق السرية، التى تورط الرئيس ترامب فى إخفائها، وكان السؤال: ما هذه الوثائق التى أخفاها ترامب؟.. وبالتأكيد، كان كثيرون يجهلون طبيعة هذه الوثائق الموجودة بحوزة الرئيس ترامب، حتى أيام قليلة قبل اكتشاف وثائق سرية جديدة فى بيت بايدن. وأصبح السؤال: لماذا يخفى الرؤساء الوثائق فى بيوتهم، ولماذا تتم السيطرة عليها، مع أنها تتعلق بالأمن القومى، ولا يصح لأى رئيس أن يأخذها عنده.. وأصبح ترامب وبايدن أمام الرأى العام سواء!.. هذا سرق الوثائق وأخفاها، وهذا سرق الوثائق وأخفاها وتعادلت كفة الرئيسين!.
قرأت مقالًا عن الوثائق السرية والدولة العميقة، فى صحيفة «الشرق الأوسط»، كتب فيه صاحبه: لقد خرج نظام حماية الأسرار الحيوية لضمان الأمن عن السيطرة. والسؤال الذى يفرض نفسه هنا: لماذا؟، لا ينبغى لأحد الشعور بالدهشة من استمرار ظهور وثائق مصنفة باعتبارها سرية، فى أماكن غريبة.. والمؤكد أن كلًّا من الجمهوريين والديمقراطيين سيمضون فى إصرارهم على أن الطرف الآخر يُعرِّض الأمن للخطر على نحو متهور وطائش. ولابد أن تخضع هذه السلطة للرقابة!.
ويقول الكاتب فى «نيويورك تايمز» إن هذه السلطة المطلقة يمكن أن تترك آثارًا سامة، مثل رفض الرئيس الكشف عن الوثائق التى احتفظ بها، رغم مخالفة ذلك للقانون!. ويضيف: «الحقيقة أنه لا شىء فى الحياة السياسية الأمريكية يشبه السلطة شبه الحصرية التى يتمتع بها الرئيس فيما يتعلق بتحديد معلومات تخص الأمن الأمريكى ومَن يمكنه الاطلاع عليها. إنها سلطة تتمتع بسيادة كاملة لا تخضع لأى رقابة أو قيود فاعلة»!.
الصحافة الأمريكية يمكن أن تحاكم الرئيس أمام الرأى العام، وتطالب بمحاكمته قضائيًّا وهو فى البيت الأبيض وليس لأنه ترك الرئاسة مثل ترامب.. دون أن يقترب منها أحد.. وهو ما يُذكرنى بالحوار الذى جرى بين صحفيين أحدهما أمريكى والآخر روسى.. الصحفى الأمريكى قال إنه يستطيع أن ينتقد الرئيس الأمريكى شخصيًّا، وقال الصحفى الروسى: أنا أيضًا أستطيع انتقاد الرئيس الأمريكى!.
واضح أن مسألة السرية مسألة نسبية وتختلف من رئيس إلى آخر.. وأعتقد أن الكاتب مر عليهم جميعًا يشرح هذه النقطة، من أول روزفلت، الذى تحكم فيما يعرفه الأمريكيون حول ما يفعله الرئيس بحجة أنه سرى للغاية، وكان ليندون جونسون له قصة ظريفة عندما طالبه الصحفيون بمزيد من الشفافية، فرفع قميصه وكشف عن ندوب فى بطنه جراء عملية جراحية بالمرارة، ولكنه خلف الكواليس كان يكره قانون حرية المعلومات!.
ويُعد ترامب أول رئيس بعد الحرب العالمية الثانية لا يصدر قرارًا جديدًا لتنظيم المنظومة الحكومية المعنية بالمعلومات السرية. وأبقى ترامب على سياسات السرية التى انتهجها أوباما، واعتاد فرم الأوراق الرئاسية إلى شظايا صغيرة!.
ومضى بايدن على نهج ترامب ووقع فى نفس الخطيئة، وأخذ الوثائق إلى بيته!.. وتساوت كفة الجمهوريين والديمقراطيين.. فهل تُطيح الوثائق بالرئيس بايدن من البيت الأبيض؟!.