بقلم : محمد أمين
تحدثت أمس عن رائد طب زراعة الكبد، وهو الدكتور محمد عبدالوهاب، وأشرت فى المقال نفسه إلى الطبيب العالمى محمد غنيم، رائد زراعة الكلى، واليوم أتحدث عن رائد طب النساء والتوليد بقصر العينى، الدكتور نجيب باشا محفوظ، وهو بالمصادفة من المنصورة أيضًا!.
وأظن أن الكثيرين لا يعرفونه نظرًا لتغافل الإعلام عن دوره المهم فى قسم النساء والتوليد بمدرسة الطب بقصر العينى! ومن الجائز أن اسم الأديب العالمى نجيب محفوظ طغى على اسمه، مع أن الطبيب سبق الأديب فى الشهرة، كما أنه أول من استقبله عندما أنقذ حياة والدة الأديب، التى شهدت تعسرًا فى ولادته وأنقذها الطبيب فأطلق والده عليه اسم الطبيب باسمه المركب، وكان مسموحًا فى ذلك العصر بالأسماء المركبة، ومن هنا جاء التشابه بينهما فى الاسم!.
وهكذا بدأت العلاقة بين الأديب والطبيب، الطريف أن نجيب باشا محفوظ كان اسمه نجيب ميخائيل محفوظ، إلا أن والده لم يعبأ بهذا وهكذا كانت مصر فى ذلك العصر والأوان متسامحة إلى هذا الحد، لا تعرف التمييز ولا الطائفية!.
وُلد نجيب ميخائيل محفوظ، والذى اشتهر باسم نجيب باشا محفوظ، علم 1882، ويعد محفوظ رائد علم أمراض النساء والولادة فى الشرق الأوسط والعالم أجمع!.
وتخرج نجيب فى مدرسة قصر العينى الطبية فى العام 1902، لينهى فترة تكليفه فى أحد مستشفيات السويس فى العام 1904، ويتم تعيينه طبيب تخدير فى قصر العينى، ولكنه فتح عيادة خارجية لأمراض النساء والتوليد، وسرعان ما حققت العيادة نجاحًا مذهلًا فيتم إضافة عنبرين كاملين إليها ويشرف عليهما بنفسه؛ حتى عرف عنه تخصصه فى الولادات المتعسرة، والتى وصلت لأكثر من ألف حالة، يتم ولادتها فى المنازل!
وصلت شهرة محفوظ العالمية فى إصلاح جراحات الناسور المهبلى بأنواعه المختلفة ليتم عرض عملياته فى مستشفيات لندن وأكسفورد وإدنبرة وجنوا ولوزان ويفد إلى قصر العينى جراحو أوروبا لمشاهدة هذا النوع من العمليات، وهو أول من أسس وحدة صحة الأم، ووحدة صحة الطفل!
كما أنشأ عام 1930 متحفًا يحمل اسمه «متحف نجيب محفوظ»، لعينات النساء والولادة، حيث يحتوى على أكثر من 3 آلاف عينة تم جمعها من عملياته التى خاضها، وهو موجود حتى الآن بكلية طب القصر العينى!.
حصل الطبيب العالمى على جوائز عدة؛ وسام النيل 1919، كما اختير عضوًا شرفيًّا فى الكلية الملكية لأطباء النساء والولادة بإنجلترا ليكون واحدًا من خمسة حظوا بهذا الشرف على مستوى العالم عام 1935، وبعدها بعامين اختير عضوًا شرفيًا فى الكلية الملكية للأطباء بإنجلترا وفى الأكاديمية الطبية بنيويورك، كما حصل على لقب (باشا) من مصر!.
المصادفة أيضًا أنه وُلد لأسرة مسيحية فى المنصورة، عام 1882 ومات عام 1974 فى عهد الرئيس السادات، ومنحه وسامًا من الدرجة الأولى، بما يعنى أن مصر كان فيها اثنان نجيب محفوظ، كلاهما عالمى، أحدهما طبيب والآخر أديب!.