بقلم - أمينة خيري
شرفت بتلبية دعوة كريمة لحضور حفل تخرج الدفعتين الخامسة والسادسة للطلاب الحاصلين على دبلومة الإعلام الرقمى من «مركز كمال أدهم للصحافة التليفزيونية والرقمية» التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة.
خلية عمل رائعة يقودها مدير المركز وأستاذ الصحافة والإعلام دكتور حسين أمين ومعه كتيبة رائعة على رأسها الأستاذة دينا سعد. نظرت إلى الزميلات والزملاء الذين باتوا يحملون شهادة علمية ومهنية معتبرة فى أصول وقواعد الإعلام الرقمى وانتابتنى مشاعر متضاربة.
فمن جهة، أمر عظيم ومبشر أن يخضع زملاء لمثل هذا التدريب الذى يصقل خبراتهم ومهاراتهم بقواعد الإعلام الرقمى، ولكن هل يمكنهم تحقيق التوازن المطلوب بين الإعصار الرقمى الباهت، حيث المحتوى الطالح يسود من جهة.
وبين الإعلام الرقمى المهنى ذى المحتوى المهنى المتحقق من الوقائع والقادر- عن معرفة وخبرة- على تحليل ما يجرى حولنا من جهة أخرى؟! الغالبية غارقة حتى الثمالة فى محتوى يجرى ضخه وبثه على مدار الثانية- لا الساعة أو حتى الدقيقة- عبارة عن فيديوهات فيها الجيد بكل تأكيد، لكن يطغى فيها الطالح بكل معانى الكلمة.
كل من يملك شاشة متناهية الصغر متصلة بالإنترنت يمكن له- إن أراد وإن سمح له ضميره- أن يتحول إلى داعية دينى وأسطى ميكانيكى وخبير استراتيجى ومفسر أحلام ومتخصص أمنى وجهبذ طبيخ ومحلل سياسى وأسطى ميكانيكى والقائمة ترفض أن تنتهى. أما المتلقون، وقطاع عريض منهم هم أنفسهم صانعو هذا المحتوى الهلامى الضبابى، فغارقون فيه تماما.
وفى هذا المحتوى تجد من يقدم لك وجبة يومية من الأحداث والحوادث وكأنها نشرة أخبار. ومنا من يكتفى بها. ومنهم من يطل علينا شارحا ما استعصى على عتاولة السياسة والأمن والجيوسياسة أن يفهموه فى شؤون حرب روسيا فى أوكرانيا، وأسرار الموقف فى ناجورنى قرة باخ، وتشابكات السياسة والطبيعة والفساد والثورة والفوضى فى إعصار «دانيال»، ومعضلة تسييس المساعدات الإنسانية والتعامل مع زلزال المغرب.
بالإضافة بالطبع إلى اطلاعنا على أسرار إدارة السياسة والاقتصاد والتموين والطرق والتعليم والكرة والجامعات والسكك الحديدية والتعويم والجنيه وأسعار الفائدة ومصير سوق العقارات ومآل ما يجرى فى سوق السيارات فى مصر.
وهذه تشكل- بينما نتكلم- جزءا غير قليل من الرأى العام فى مصر. ولن أخوض كثيرا فى المحتوى الذى يدعى أنه دينى والدين منه برىء والقريب إلى الدجل والخرافة وزرع الجهالة والفتنة والتخلف فى عقول الملايين لأنه يحتاج أطروحة دكتوراة لا مقال لا حول له أو قوة.
فكرت فى كل ذلك وأنا أصفق لحاملى دبلومة الإعلام الرقمى والذين يشكلون- وغيرهم من الزميلات والزملاء- الذين يخوضون كوكب الإعلام الشرس الحالى وهم قلة تنافس أغلبية اعتقد بعضها أنهم خبراء كونيون فى كل كبيرة وصغيرة من شؤون العالم. هى حرب شرسة ومنافسة عنيفة، لكن البقاء فيها نتمنى أن يكون للصالح، لا للطالح الذى أحكم قبضته على الأثير.