بقلم - أمينة خيري
لماذا ابتكر الإنسان القانون؟.. لأن القانون ينظم الحياة، ولأن وجود قواعد تنظيمية تدبر حياة مجموعات البشر وتضمن السلامة والأمن والعدالة بين الأفراد أمر ضرورى، ولأن أمن المجتمع وسلامته أمر حيوى، والقانون وحده القادر على ضمان هذا الأمن بحسب قواعد عادلة ومبادئ قابلة للتنفيذ وفكر قائم على المنطق. المنطق يقول إنه منعاً أو تقليصاً لحوادث السيارات، تكون هناك قوانين سير وقيادة عادلة وصارمة تطبق على الجميع.. إذا أخطأ أحدهم، يتم تطبيق العقوبات المنصوص عليها فى القانون. وضماناً للعدالة وإمعاناً فى المنطق والعقل اللذين ميز بهما الله الإنسان على غيره من الكائنات، فإنه يتم تعليم وتثقيف وتوعية أفراد المجتمع بأهمية قوانين السير وسببها، بالإضافة إلى التأكد من أن كل من يجلس خلف مقود السيارة على علم تام بقواعد المرور وأسباب هذه القواعد.
تخيل معى ما يلى: صدمت سيارة شخصاً على الطريق، فيتم إصدار قانون يمنع السيارات من السير. يصاب أحدهم بنزلة معوية حادة جراء تناول خوخ مرشوش بمبيدات بنسب قاتلة ودون الالتزام بالقواعد المعمول بها، فيصدر قانون بمنع زراعة الخوخ ومعاقبة من يضبط وهو يأكل خوخة. يغرق أحدهم فى مسبح بعد ما قفز فى المستوى العميق وحده وهو لا يعلم أصول السباحة، فيصدر قانون بإغلاق كل المسابح وهدمها. تكتشف دورية علمية أن البحث المقدم من أستاذ جامعى منقول من أبحاث أخرى دون ذكر المصدر وأنه لم يبذل أى جهد أو يخرج بأى جديد فى بحثه، فيصدر قانون بإلغاء وظيفة «أساتذة الجامعة». يبنى أحدهم عمارة دون اتباع القواعد الهندسية السليمة بالإضافة للغش فى مواد البناء ونسبها فتقع العمارة على رؤوس ساكنيها، فيصدر قانون بمنع بناء العمارات. يموت مريض أثناء الخضوع لعملية جراحية بسبب هبوط مفاجئ فى ضغط الدم أو حتى بسبب خطأ فى التخدير أو إجراءات العملية، فيصدر قرار بوقف إجراء العمليات الجراحية فى كل المستشفيات. يشتعل حريق فى سوبرماركت لأن أحدهم دخن سيجارة فى الداخل وألقاها وهى مشتعلة، فيصدر قانون بإغلاق كل محال السوبرماركت. سقوط شرفة تم بناؤها عشوائياً وتجاهل سكان الشقة حدوث تشققات فيها وتسرب المياه إليها، فيصدر قانون بإزالة كل الشرفات من كل العمارات ومنع بناء شرفات فى المبانى الجديدة. يعض كلب يملكه أشخاص غير مسؤولين أحدَهم فى حادث مؤسف يدمى القلوب ويموت هذا الشخص، فيصدر قرار بمنع تربية عدة أنواع من الكلاب، على أن «يسلم» من يقتنى هذه الكلاب كلابهم للجهات المعنية.
يبدو ما سبق وكأنه مشاهد من فيلم عنوانه «اللامعقول». علاج خطأ تسبب فيه جاهل أو مخطئ أو متهاون أو متواكل أو متراخٍ أو ضارب عرض الحائط بالمنطق والقوانين «العاقلة المنطقية» أو منتفع من فترات الفوضى والعشوائية يحتاج للمنطق. علاج الآثار الناجمة عن إهمال المرض لا يكون بقتل المريض