«كايرو ستبس» وطريق الخلاص

«كايرو ستبس».. وطريق الخلاص

«كايرو ستبس».. وطريق الخلاص

 العرب اليوم -

«كايرو ستبس» وطريق الخلاص

بقلم - أمينة خيري

ليلة من أروع ليالى العمر والفكر والتأمل أمضيتها فى دار الأوبرا المصرية. أذهب كثيراً إلى دار الأوبرا التى أعتبرها متنفساً عظيماً وملجأ آمناً وحضناً روحانياً سامياً بعيداً عن مشكلات الحياة اليومية ومعضلاتها التاريخية. وفى كل مرة أشاهد وأستمع وأستمتع بعرض ما، يتملكنى إحساس بأن «الحل فى الفن والثقافة، ولا حل سواهما» طهّر قلوب الناس وارتقِ بعقولهم واسمُ بمشاعرهم واصقل عواطفهم بمسحات ونفحات من الرقى الفنى والثقافى تخرج بإيقاع شارع ونبض حياة ومنظومة علاقات بين البشر تقف على طرف نقيض مما نعانيه من حولنا.

وكم من مصرى «كَسّيب، الفلوس بتجرى فى إيده» لكنه قاس فى تعامله، عنيف فى علاقاته، جلف فى تصرفاته. هؤلاء كثيرون وكثيرات من حولنا. أصبحوا هكذا لأنه تم تجريف واقعنا الفنى والثقافى. قبل عقود كثيرة، كان هناك فقر وعوز وأمية أيضاً. لكن عنف التعامل والمشاعر وخشونتهما لم تصل إلى ما وصلنا إليه اليوم. كان الناس يستمعون لعتاولة الفن من أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش، ويشاهدون أفلاماً ومسرحيات، ويتابعون خطبة الجمعة التى لا تتناول التحريم والتكفير وقطع الرقاب وشج الرؤوس وعذاب القبر ونار جهنم بالضرورة تجريف المشهد الثقافى والفنى وتراجعه حتى تهاوى أمام عنف خطاب السبعينات الدينى واستيراد أنماط ثقافية ومعيشية واعتناقها جميعها أفسح المجال لعنف فكرى وقساوة فنية وخشونة اجتماعية تظهر واضحة جلية من حولنا لكن من حولنا أيضاً نقاط ضوء عديدة تحتاج تعميماً ودعماً منقطعى النظير إن نحن أردنا الخروج من بالوعة العنف الفكرى والأخلاقى. فريق «كايرو ستبس» فى حفلهم الأخير فى دار الأوبرا المصرية أثبتوا أن هناك أملاً. ورغم أن شرح ما يمكن لفن مثل ما يقدمه الرائع قلباً وقالباً باسم درويش بفرقته «كايرو ستبس» أن يفعله فى مجتمع مثل مجتمعنا ضربه ما ضربه من تشوه ومسخ جعلا من الصراخ عقيدة ومن الخشونة منهجاً يحتاج مساحة كبيرة، إلا أننى سأحاول الاختصار. أولاً المزج بين الموسيقى الحديثة والمستساغة والشائعة لدى ملايين الشباب وبين الهوية المصرية قادر على إعادة هويتنا التى خرجت فى مسخ السبعينات ولم تعد.

ثانياً قدرة «كايرو ستبس» الفنية على دمج التراث الثقافى المصرى بموسيقى الجاز والكلاسيكية والأوروبية والمقاطع الصوتية والمرئية لأشعار عربية قديمة والصور المرئية المصرية الصميمة فى الخلفية والتى تعرض ومضات من التاريخ المصرى الفرعونى والقبطى والإسلامى والحديث عبر وجوه مصرية صميمة قادرة على إحياء مشاعر الانتماء الثقافى لمصر. ثالثاً: عنوان «تناغم الاختلاف» الذى يتخذ منه الفريق عنواناً له هو اسم على مسمى. فما يقدمه هؤلاء الموسيقيون المصريون والألمان من موسيقى وأحياناً غناء يمزج الثقافات والأذواق والهويات المختلفة فى لوحة رائعة الجمال. إنها الموسيقى لغة الروح ولغة الإنسان فى كل مكان التى حرمها وكفرها من أطلوا علينا بدين جديد قبل نصف قرن. رابعاً حين يطل علينا المنشد الدينى إيهاب يونس ليشدو بمحبة الله وتقرب العبد له مع «كايرو ستبس» فهو يخبرنا بأن الحق والخير والجمال المفتقدة فى حياتنا يمكن أن تعود، وتعود علاقة الهدوء والسكينة والمحبة بديلاً عن الصراخ والعويل والترهيب فقط نحتاج المزيد والمزيد والمزيد من «كايرو ستبس» ومن مثلها لإعادة المصريين إلى مصر. وعشمنا كبير فى وزيرة الثقافة الفنانة المتنورة إيناس عبدالدايم التى شاركت «كايرو ستبس» بالعزف غير مرة، هذا هو طريق الخلاص.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كايرو ستبس» وطريق الخلاص «كايرو ستبس» وطريق الخلاص



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab