بقلم:أمينة خيري
إحدى مهام الصحافة الكتابة عن الناس وهمومهم وأحلامهم ومشكلاتهم. أحيانًا تكون المشكلات كيدية، أو ناجمة عن عدم معرفة بالإجراءات أو القواعد. لذلك، تكون إحدى المهام الصحفية التوعية والتعريف بما يجب اتخاذه من خطوات لعدم مواجهة تعقيدات أو عثرات.
وحين يكون الصحفى طرفًا مباشرًا، باعتباره مواطنًا، سواء شاهدًا على مشكلة أو معضلة أو ظاهرة سلبية، فإن حقه مكفول فى الكتابة أو الحديث عنها، ولاسيما حين تكون معضلة جماعية، بمعنى أنه تشاركه فيها بضعة آلاف أو ملايين من المواطنين.
حين تضطرنى الظروف إلى التردد على مصالح حكومية، وأرى مشكلات فى التعامل مع المواطنين، أو ظلمًا يتعرض له الموظفون، أو مطلبًا عادلًا للعمال، لا أتوانى عن الكتابة. وحين أسافر شمالًا أو جنوبًا، أو عبر مطار القاهرة الدولى وأرى مشكلات أو ظواهر سلبية من قمامة أو تدخين داخل مبانٍ مغلقة أو إهانة مواطنين من قِبَل موظفين أو العكس أو ظاهرة سير عكسى تتفشى وحوادث قاتلة تقع أو تحويل حرم محطات مواصلات عامة إلى زوايا صلاة أو استخدام عشرات مكبرات الصوت أو صوت مؤذن أقل ما يمكن أن يوصف به أنه غير مؤهل للمهمة وغيرها، أكتب وأنبه وأقول وقت الاستضافة على شاشات التلفزيون.
وحين يستجيب المسؤولون، وتُبذَل محاولات لعلاج جذور المشكلة، أكتب بغرض الشكر والتشجيع. ورغم أن البعض يلومنى من منطلق أن هذا واجب المسؤول، وأن علاج التقصير لا يستوجب الثناء والتقدير، بل الاعتذار من المسؤولين بعد حل أوجه الخلل، لكنى أعرف أن مصرنا العزيزة مازالت تتعافى، وأننا دولة نامية، وأن الطريق أمامنا من أجل تعويض ما فات من نهضة وتنمية وتنوير مازال طويلًا ويحتاج صبرًا وتضحية من الجميع، ومن ثَمَّ الشكر واجب.
وعلى سبيل المثال، وقت كان الدكتور مختار جمعة وزيرًا للأوقاف، لم يحدث أن كتبت مرة عن زاوية غير مرخصة، أو مكبرات صوت مبالغ فيها، أو محتوى خطبة يحض على الكراهية إلا واهتم وحقق فى المسألة واتخذ خطوات فعلية. وحين كتبت عن منظومة تقديم الخدمات للركاب ذوى الهمم فى مطار القاهرة الدولى، بادر وسارع رئيس الشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية، المهندس أيمن عرب، بالاتصال وطلب المزيد من المعلومات، ومتابعة الموضوع بنفسه، لا لأننى أبحث عن حل لمشكلة شخصية، ولكن لأنه تصادف ضلوعى فى مشكلة يعانى منها الركاب ذوو الهمم وليس قريبًا لى فقط، وبالفعل تم إصلاح المنظومة.
لم يهددنى أى من هؤلاء المسؤولين المحترمين، أو يتهمنى بالبحث عن خدمة شخصية. وحين أكتب عن مدينة الشروق، حيث أسكن مع نحو ١٧٠ ألف مواطن، بالإضافة إلى العاملين والزوار، فإننى لا أبحث عن حل مشكلة شخصية، بل مشكلات تمس حياة هذه الآلاف. واستمرار الكتابة عنها يعنى استمرار المشكلات.
تحية إلى كل مسؤول يحترم عمله وعمل الآخرين، ولا يعتبر النقد هجومًا، أو مطلبًا شخصيًّا.