بقلم : أمينة خيري
لحق الضرر بالدين حين أفهموهم أن الاعتراض على مكبرات الصوت التى يقدر المثبت منها على المسجد الواحد بالعشرات هو اعتراض على الدين ومحاربة للمتدينين.. وأن الشكوى من الصوت القبيح للمؤذن (والذى قد يكون سباكًا أو طبيبًا أو سايس جراج) هو كرهٌ للآذان ونشر للا دين وذيوع للإلحاد.. وأن التعجب من تشغيل القرآن بأعلى صوت فى محطات المترو والباصات والتاكسى والمحال والمصالح الحكومية هو برهان على الفسق ودليل على الزندقة ومؤامرة صهيوليبراعلماشيوعكفرية، الهدف منها القضاء على الدين.. وحين زرعوا فى أدمغة أعداد غير قليلة من العاملين فى قطاع السياحة فى مدن مصر ومزاراتها السياحية أن السياح كفار والسائحات شياطين والسياحة عمل حرام.
ولحق الضرر بالدين حين خرج الدعاة موديل التسعينيات يجولون النوادى الرياضية وصالونات العائلات الثرية ومجتمعات الشباب غير المطحونين يخبرونهم أن الفن حرام والموسيقى حرام والاختلاط فى أماكن العمل والتعليم والفضاء العام حرام، وأنهم (الدعاة) يحبونهم فى الله ويتمنون لهم فى بداية العام «الميلادى» الجديد أن يكونوا إلى الله أقرب، وفى القرآن أعمق، وعن المكروهات والملذات أبعد، وأن هراء «كل سنة وإنت طيب» يجب أن ينتهى فورًا.. ولحق الضرر بالدين حين أخبروهم أن «لغمطة» جدار كوبرى أو سور شركة أو بوابة مدرسة بـ«هل صليت على النبى (ص) اليوم؟» جهاد فى سبيل الله، وأن الاعتراض على ذلك هو اعتراض على الرسول (ص)، وازدراء للدين ومقت للمتدينين. ولحق الضرر بالدين حين تُرِك الناس يعتقدون أن تحّول حمامات النوادى الرياضية وأرصفة مترو الأنفاق ومحطات الباصات العامة إلى أماكن للصلاة هو نشر للدين وتعميق للتدين وترهيب لأعداء الدين، وأن المعترضين على ذلك إنما يعترضون على الصلاة والعياذ بالله، «وماذا يضيرك يا أخى المؤمن ويا أختى المؤمنة فيمن يصلى فى خمس دقائق؟ أليس أفضل من إشاعة الفاحشة ونشر الزندقة؟».. ولحق الضرر بالدين حين أصبح الاعتراض على إغلاق شوارع بسجاجيد الصلاة وقت صلاة الجمعة وتراويح رمضان هو اعتراض الكفار وكارهى الدين، ويتم تصويرهم على أنهم يفضلون إغلاق الشوارع لنشر الفواحش وتحويلها إلى كباريهات ومواخير بالضرورة.
لحق الضرر بالدين حين باتت تقام الاحتفالات للشباب والرجال الذين يحكّون جباههم بطوب ليخرشموها وتصبح لديهم «زبيبة» صلاة علامة الورع، رغم أن الزبيب الوحيد الذى كان معروفًا حتى سبعينيات القرن الماضى هو الكشمش والذهبى والسلطان.. لحق الضرر بالدين حين أصبح بناء مسجد على متنفس أخضر وسط كتل الخرسانة غاية المُنى رغم وجود مسجد على مرمى حجر.. لحق الضرر بالدين حين أصبحت فقرة «اسأل عم الشيخ» ركنًا من أركان الإعلام وتريندًا من تريندات الـ«سوشيال ميديا» ومسارًا إجباريًا ومصيرًا محتومًا لمن يرغب من العامة فى دخول الجنة، ومن ينجح من غير العامة فى تسمين حساباته البنكية.. وللحديث بقية.