بقلم : أمينة خيري
على هامش «خناقة» الرضاعة وشغل البيت المستعرة ترندًا وهبدًا ورزعًا، أقول إنها حققت الهدف منها بنسبة مائة بالمائة، وإن ما يجرى نتيجة طبيعية للتتفيه (تفاهة) والتسطيح (سطحية) والتجهيل (جهالة) والتديين (ادعاء التدين وفرض نسخة مجنونة منه على العامة). قبل عشرات السنوات، وكان هذا فى زمن ما قبل الترند، وما قبل تشويه الدين، وما قبل تحقير المرأة باسم تدين السبعينيات، وما قبل طرح أسئلة على رجال الدين تعكس حيرة السائل عما إذا كانت المرأة إنسانًا، وما قبل إبحار البعض من رجال الدين فى تفنيد السؤال، حيث تخرج الإجابات ولسان حالها
!Maybe yes but sometimes no، فى هذه السنوات سمعت من معلم اللغة العربية أن من تبجيل الدين للمرأة أن جعل من واجب الزوج أن يحضر لزوجته «خادمة» تساعدها فى البيت إن كانت قد نشأت فى بيت فيه «خادمة». بدَت الفكرة غريبة. لماذا؟، لأن مصر حتى النصف الأول من السبعينيات لم تكن قد وقعت فى فخ الترند ولا التدين العجيب الذى يدق رؤوسنا جميعًا اليوم.
وأعود إلى الخناقة الحالية، وأشير إلى أن ما أثار «المتدينين بالفطرة» (موديل السبعينيات) ليس فكرة الأجر فى مقابل ما تقوم به أى أم دون تفكير، بقدر المصادر التى تفوهت بالفكرة. ولو كانت قد نبعت من الشيخ فلان أو الداعية علان لما ثارت هذه الضجة. ليس هذا فقط، بل لسَخّر «المتدينون الجدد» كل ما أوتوا من قوة وبأس لشتم وسب مَن يتجرأون على انتقاد «فتوى» الأجر فى مقابل شغل البيت باعتبارهم علمانيين زنادقة أو ليبراليين يعملون على هدم الدين.
هذه الضجة الرهيبة لا تحدث حين يسأل أحدهم عن حكم الجمع بين الزوجة وابنة خالة عمتها وحفيدة زوجة خالها، ولا تحدث حين يسأل سائل حكم صيام يوم رمضان إذا أقام الصائم علاقة زوجية كاملة مع زوجته وهو «مش واخد باله» وغيرها من عجائب وغرائب الموضوعات، التى لسبب ما يعلمه كثيرون لا تدور إلا فى دوائر تتعلق بالمرأة والجنس والجنس والمرأة والجنس والجنس والمرأة والمرأة.
وبهذه المناسبة أكرر أن جانبًا معتبرًا من حالة الغضب والثورة على ما قالته سيدات الترند الثلاث هبة قطب ونهاد أبوالقمصان وسعاد صالح سببه أنهن نساء، وسببه أن فيه «شبهة» حق للمرأة وتلميحًا بأنها ربما- أستغفر الله العظيم- تكون لها فائدة أخرى غير الرضاعة وشغل البيت مع كامل الاحترام لهذه المهام. حين قال «الشيخ ابن عثيمين» إن أجرة الرضاعة حق للمرأة سواء كانت زوجة أو مطلقة لم نسمع هبدًا أو يصل إلينا رزع.
وتبقى هبدات أجرة الرضاعة وبقشيش شغل البيت أقرب ما تكون إلى الهزل والهراء والإلهاء، فى وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى العمل ونبذ الأتربة والصدأ عن أمخاخنا والتعامل مع المرأة باعتبارها إنسانًا دون الحاجة إلى إعادة اختراع وابور الجاز.