بقلم : أمينة خيري
ومازلنا فى سلسلة «إعادة اختراع العجلة»، أو بالأحرى الحيلولة دون إهدار المزيد من الوقت والجهد والمال للخروج بحلول سبقنا إليها آخرون، وذلك من وحى زيارة طويلة لبريطانيا.
تطرق المقال السابق إلى قواعد السير ونظام القيادة، وحلول سهلة وبسيطة يمكنها تقليص هامش الأرواح التى يتم زهقها على الأسفلت بسبب التسيب واللامبالاة. والدليل هو أن تطبيق مخالفات آنية وحقيقية على أصحاب اللوحات الرقمية الممسوحة أو المنزوعة أدى إلى عودة آنية للمطموس والمنزوع.
ومادمنا مازلنا فى الشارع، تجدر الإشارة إلى أن «التاكسى» هو إحدى أهم وسائل المواصلات. فى بريطانيا أنواع مختلفة من خدمة «التاكسى»، ولا تقتصر على التاكسى الأسود، (وظهرت منه ألوان جديدة)، الشهير، الذى يُعرف أيضًا بـ«حافلة هاكنى».
مجرد تخيل فكرة أن تركب إحدى هذه الحافلات التى تعمل بعداد، ويجادلك السائق فى الأجرة، أو يدّعِى تعطل العداد، أو يحكى لك عن العيال وأمهم وكيف أن دخله يكفى بالكاد حتى نصف الشهر، أو يقرر أن تنتهى الرحلة فى المكان الذى يقرره هو لأن عنده «دورة مدارس» أو غيرها، غير وارد. تاكسى يعنى عدادًا معلنًا ومحدد التعريفة، ولا يعنى شيئًا غير ذلك.
ومع «التاكسى الأسود»، هناك الـ«مينى كاب»، الذى يمكن طلبه عن طريق الاتصال الهاتفى أو الرقمى بمكاتب معروفة ومسجلة وتسدد ضرائب، ويتم تحديد الأجرة مسبقًا وقت الحجز، لا تنقص بنسًا ولا تزيد جنيهًا، سواء كان الطريق مزدحمًا أو المدام بتولد أو الضرائب مرتفعة أو غيرها.
وبالطبع هناك تطبيقات النقل الرقمى، ويمكن القول إنها الأكثر «تسيبًا» مقارنة بمنظومات التاكسى الأخرى، لكن أن يصلك السائق ثم يقرر أن يفرض عليك ٣٠ جنيهًا إضافية حتى يشغل التكييف، أو يخبرك كذبًا أن عليك أن تدفع ٤٠ جنيهًا إضافية لأن الشركة غيرت تعريفتها للتو، أو يدّعِى أن التطبيق توقف عن العمل، وسيضطر إلى إلغاء الرحلة، وعليك أن تنزل من السيارة الآن. ولن تفاجأ بأن السائق يدخن، أو يسمع ترتيلات إنجيلية أو توراتية أو هندوسية أو بوذية رغمًا عنك، وإن اعترضت يتهمك بالكفر أو معاداة الدين والمتدينين.
وتخضع المنظومة برمتها فى لندن مثلًا، لا للشركات ومسؤولى التطبيقات فقط حيث يتم تقديم الشكاوى، ولكنها مراقبة ومنظمة وتخضع لقواعد ولوائح من قِبَل «هيئة النقل فى لندن». وفى حال اختلف الطرفان، هيئة النقل وأى من تطبيقات النقل، يتم اللجوء إلى القضاء. وقبل نحو أربعة أعوام، طعنت «أوبر» على قرار أصدرته هيئة النقل بمنعها من العمل فى لندن بسبب مخاوف تتعلق بخلل فى نظام الشركة أتاح لأشخاص غير مسجلين فى الشركة تحميل صورهم على حسابات سائقين حاصلين على الترخيص، وقبلت المحكمة الطعن.
غاية القول هى أن للتاكسيات بأنواعها نظامًا وقواعد تضمن حق الطرفين: الراكب والسائق، وتحمى كليهما، وتعاقب المخطئ، بالقانون وعبر آليات معروفة ومنصوص عليها، والموضوع ليس «يضرب يقلب».