قوة الأثير الزائفة

قوة الأثير الزائفة

قوة الأثير الزائفة

 العرب اليوم -

قوة الأثير الزائفة

بقلم - أمينة خيري

من مميزات الـ«سوشيال ميديا» أنها أعطت لنا جميعًا صوتًا ومنصة وأداة. مكنتنا من وسيلة للتعبير والتواصل وتبادل الآراء وعرض المواهب واكتشافها وغيرها من الفوائد، لكنها أيضًا لا تأتى دون آثار جانبية. وحين تتغلب الآثار الجانبية على الفوائد (أحيانًا)، يجدر بنا التوقف قليلًا والتفكر كثيرًا.

تزايدت ظاهرة انسحاب البعض من على منصات الـ«سوشيال ميديا» اختياريًا، ولو لفترة، وذلك حفاظًا على السلام النفسى والصحة العصبية. من حق الجميع التعبير عن الرأى واتخاذ المواقف وتبادل الآراء والاختلاف والاتفاق، إلا أن ما يجرى حاليًا أبعد ما يكون عن ذلك. ويبدو أن الدق على الأزرار والكلام والرد والطرح من خلف الشاشات يعطى البعض قوة يفتقدها فى الحياة الحقيقية. وأحيانًا تتحول هذه القوة إلى شوكة قاتلة سامة تبث كل أنواع الشرور. القائمة طويلة، تبدأ بالصفاقة والوقاحة والبذاءة، وتمر بتوليفة من التصرفات وردود الفعل التى تعكس بيئة المستخدم وتربيته وتنشئته ومنظومته الأخلاقية وقواعده السلوكية وأدواته فى التعبير عن الرأى والاختلاف معهم وغيرها، ولا تنتهى عند حد معين، إذ إن القاع واسع وعميق.

انتقاد سلوكيات البعض على الـ«سوشيال ميديا» ليس مطالبة بالحجب، أو تلويح بسلب حرية التعبير. هو طرح وتساؤل عما يدفع البعض ممن يقدمون أنفسهم باعتبارهم مؤثرين، أو صناع محتوى، أو حتى مستخدمين عاديين رضوا وارتضوا أن يدخلوا ساحات تواصل، فإذ بهم يحولونها إلى ساحات للتراشق اللفظى وتوجيه الاتهامات بالجهل والسطحية، ومنها ما يصل إلى الكفر والزندقة، تلك النعوت التى تنطلق من بعض المؤثرين ممن يصفون أنفسهم بـ«الملتزمين دينيًا»!!.

المؤكد أن هذه الأجواء السامة ليست حكرًا علينا، ولكن أكاد أجزم بأنها تتسم بقدر أعلى من السميات لدينا. على مدار العقد والنصف الماضيين تقريبًا، والمعدلات تتزايد. هذه الأجواء لا تقتصر على مجالى السياسة والاقتصاد، وهما الأكثر تأثيرًا فى حياتنا، لكنهما يمتدان إلى الحياة اليومية من طبيخ وتنظيف وصحة وتربية وتعليم وأزياء وكل ما يطرأ أو لا يطرأ على بال. أتعجب من هؤلاء – وهم كثيرون- الذين تسمح لهم تربيتهم وتنشئتهم وتدينهم الجم (كما يصفون أنفسهم) بأن يطلقوا العنان لهذا الكم من العجرفة والخيلاء والغطرسة والغرور على الأثير. وأتعجب أكثر وأكثر من أن يأتى ذلك من «الملتزمين» و«الملتزمات» دينيًا، ومنهم من بات يصف المنتقدين لـ«حركة حماس» بـ«الكفر».

كما لا يمكن ولا يعقل أن يكون كل منا خبيرًا معتبرًا وخطيبًا مفوهًا فى كل شؤون العلوم والمعارف. أجد البعض يفتى فى السياسة بنفس الحماس الذى يخرج به بنظرات اقتصاد وبنفس الثقة ينضح بقواعد اجتماعية ونفسية وصحية وتعليمية وسكنية.

فرق كبير بين التعبير عن الرأى والاجتهاد، وبين أن يقرر أحدهم أنه يملك النظريات السياسية الوحيدة الصائبة، والحلول الاقتصادية الوحيدة الثاقبة، والقواعد الاجتماعية الوحيدة المنضبطة، ولا يكتفى بذلك، بل يصف المعترض والمنتقد والمختلف بالجهل وربما الكفر. إنها قوة الأثير الزائفة.

arabstoday

GMT 00:06 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

صدمة خامسة!

GMT 00:04 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

شكرا للسيدة الهولندية!

GMT 00:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

بعد 50 عامًا

GMT 00:00 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

الاختيار

GMT 11:27 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

دوشة الطرابيش

GMT 11:26 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

تريليونات ترمب وفلسطين

GMT 11:24 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

ذكريات الحرب وبطولات الأحياء!

GMT 11:22 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

شبكة الأردن... واصطياد السمك الإخواني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوة الأثير الزائفة قوة الأثير الزائفة



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:17 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

قصة سوسن... ومآسي حرب السودان

GMT 15:06 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

الأمطار تسبب اضطرابات في شمال إيطاليا

GMT 15:05 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

ثلوج وأمطار كثيفة تضرب جنوب غرب سويسرا

GMT 15:04 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب إندونيسيا

GMT 07:39 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

وفاة الفنان المصري سليمان عيد

GMT 17:14 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

منذر رياحنة يتحدث عن علاقته بمصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab